يبدو أن حزب العدالة والتنمية التركي، النموذج الذي طالما تغنى به حزب العدالة والتنمية المغربي، بدأ يفقد رونقه وبريقه الخادع، وأن الإغراء الذي مارسته الأحزاب الإسلامية على الجماهير العريضة في المشرق والمغرب، والذي انطلق من تركيا لم يكن إلا فجرا زائفا.
وإذا كان الربيع العربي قد أوصل أحزابا إسلامية إلى الحكم، فإن هذا الربيع الذي تهب نسائمه، اليوم، على تركيا سيعصف بهذا النموذج "الإخواني" ويلقي به في سلة القمامة، بعدما اتضح أن البضاعة فاسدة، وأن العلامة التجارية التي تحملها على ظهرها ليست أصيلة بل مجرد تقليد.
وكما انطلق الربيع العربي بإقدام "البوعزيزي" في تونس على إحراق نفسه احتجاجا على "الحكرة"، فإن الربيع التركي انطلق بعد أن اتخذت الحكومة "الملتحية" قرارا يقضي بإزالة حديقة أثرية في تقسيم مقابل مقهى الديوان وإقامة مركز تجاري مقابلها.
ومع ذلك فقد تعهد رئيس الحكومة طيب رجب أردوغان بالمضي قدما في المشاريع التي أثارت الاحتجاجات العنيفة، تماما كما يفعل رئيس الحكومة عندنا عبدالإله بنكيران فعوض البحث عن الحلول يبحث عن التصعيد معتمدا في كل ذلك على منطق "كبرها تصغار"، لكن كرة الثلج لا تصغر أبدا. ففي خلال عام ونصف من حكم "الإخوان" في العدالة والتنمية بالمغرب لم يجن المواطن المسكين المغلوب على أمره سوى الزيادات في الأسعار، والجمود في الأجور، والاقتطاع من الرواتب، وارتفاع المديونية الخارجية، وتفاقم العجز التجاري، وأكثر من كل ذلك أن الأغلبية أصبحت على شفى حفرة من السقوط بعد قرار المجلس الوطني لحزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة.
لقد دعا أردوغان المتظاهرين للتوقف "فورا" على الاحتجاج، وأكد أن الشرطة ستؤدي الواجب لأن ساحة "تقسيم" لا يمكن أن تترك لعبث المتطرفين.
نعم الشرطة تؤدي واجبها في كل بقاع العالم، لأن من صلب مهامها، حفظ الأمن العام، وحماية الأشخاص والممتلكات، بغض النظر عمن يقود دفة الحكم: الإسلاميون أم العلمانيون، غير أن الحكومات التي ابتليّ بها العالم العربي، والذي استلهم النموذج التركي، تبدو اليوم بضاعة بائرة، وتفتقد إلى الحس السياسي اللازم لإدارة مرحلة يتخبط فيها العالم في الأزمات.
إدريس شكري