نشر برلماني “العدالة والتنمية”، لكن أساسا الفنان والممثل المغربي ياسين أحجام على صفحته الشخصية بالفيسبوك يوم الأحد التعليق التالي: “الناقمون على موازين والكارهون له يعتبرونه أصل الشرور وسببا مباشرا وغير مباشر لكل أنواع الآفات التي يعاني منها مجتمعنا من بطالة وتدهور في التعليم و الصحة والتنمية ………. وا عباد الله وخا يتلغا هاد موازين ما غادي يكون عندو هاد الإلغاء حتى شي أثر إيجابي على هاد القطاعات الاجتماعية… موازين لا يأخذ من الميزانية السنوية للدولة ولا سنتيما واحدا… فهو يدعم من طرف الشركات الخاصة وبالضبط من ميزانية التواصل والإشهار لهذه الشركات الخاصة والتي حتما كانت ستصرف في الغايات نفسها كان موازين أم لم يكن… وهذا الاستثمار من طرف هاته الشركات لا تصرفه لسواد عيون هؤلاء النجوم بل يعود عليها بالنفع العميم حسب علم الماركوتينغ… من جهة أخرى فموازين ينشط قطاعات مهمة جدا في وقته في مجالات السياحة (فنادق… مطاعم…) والنقل ( الخطوط الجوية… الطاكسيات… كراء السيارات… والمواصلات بصفة عامة) ويجلب انظار الاستثمارات الاجنبية ويشير إلى استقرار المغرب سياسيا واقتصاديا… واللي ما بغاش يتفرج فيه من حقو ……وأنا فنظري الثقافة الخبزية ما خصهاش تلغي ثقافة الفنون والإبداع والترفيه”.
أفرح ياسين وأدهش المتتبيعن، وأكد للجميع أن من التقى الفن صغيرا، ثم تابع دراسته في المعهد بعد الباكالوريا لا يمكنه أن يكون ضد هذا الفن بمبررات سياسوية ضيقة. هو لا يمكنه أن يكون مثل عبد العزيز أفتاتي في هجمته المضرية على موازين وعلى الطائرة التي عرضت فيلم “الرجل العنكبوت”، وعلى القناة الثانية التي تقدم الأفلام والسهرات وعلى كل شيء تشتم منه رائحتا الفن والحياة. هما بالتأكيد ليسا “بحال بحال” وإن كانا في حزب واحد لأسباب يصعب تحديدها بدقة كلها هنا وفي هذا الحيز الصغير.
وحتى وإن حذف النائب البرلماني والفنان ما كتبه بعد أربع وعشرين ساعة تقريبا من نشره _ بسبب تعرضه لضغوط ولا شك في ذلك من حزبه_ إلا أن الأمر لا يغير من عمق الموضوع شيئا. ياسين أحجام طرح صدقا حقيقيا في كلامه، وقال كلام العقل وليس كلام السفاهة الذي سمعنا الكثيرين يرددونه، من مهاجمي “بامبرز” جيسي جي إلى المنددين باحتلال موازين للإعلام العمومي ونشره لصور العري مثلما كتبت جريدة “التوحيد والإصلاح” في صدر صفحتها الأولى ليوم الاثنين الماضي.
الصادم حقا ليس هو لباس مغنية كبيرة مثل جيسي جي، لكنه هذا التفكير المرضي، المكبوت الذي تستنهضه أجساد النساء في كل مكان, وتدفعه إلى العودة إلى جاهلية الزمان لعجزه عن التحكم في غرائزه، ولا ستثارة جنسية يبدو غير قادرا لا على تصريفها، ولا على إخفائها عن الجموع.
أمس اغتاظ هؤلاء لأن القناة الثانية بثت حفلا للقفطان بدا فيه سعد المجرد محاطا بمجموعة من الراقصات، واليوم صرخوا بالويل والثبور وهددوا بعظائم الأمور لأن جيسي ارتدت ما يروقها مما يراه المغاربة باستمرار في كل قنوات التلفزيون، إذا كانوا يعيشون في زمن الناس هذا، ولم يتحولوا بعد _مثلما يحلم المتطرفون الجدد_ إلى سكان للقرون الحجرية القديمة.
في الحالتين معا، وفي حالات أخرى كثيرة قبلها، وبالتأكيد ستتكرر بعدها، ظلت المرأة وجسدها هذا البعبع القادر على إخراج كل ما يخفيه هؤلاء أثناء السياسة العادية، ويتحولون إلى عاجزين عن إحفائه حين الجسد.
“علاش؟”
من مر من السوسيولوجيا يوما، من مر من علم النفس، بل ربما من مر من الحياة فقط يعرف أن المسألة كلها “مشكلة تبان داخلي” تسكن عقل البعض منا. وهذه المشكلة التي تنتج هذا النوع من التفكير المرضي الذي يرى الجنس في كل مكان، لا حل لها إلا التربية الجنسية السليمة من الصغر. ولا حل لها إلا مناقشة صغارنا بكل حرية وصراحة منذ لحظات العمر الأولى عن أجسادهم.
حينها سنتخلص من مرضى التبان هؤلاء، وسنتخلص أيضا من سماع حالات اغتصاب الصغار المريعة. سننتهي من قتل الفتيات بعد قضاء الوطر منهم عنوة مثلما نسمع يوميا في كل المدن المغربية. لن يتجول بيننا حينها مرضى نفسيون يصل بهم كبتهم درجة ممارسة الجنس على رضيعة في عمرها الثاني، قبل خنقها، أو على صبي في السادسة من العمر قبل قتله وإلقاء جثته في الخلاء.
النقاش المرعب اليوم حول بعض الأمور الفنية والإعلامية، الموتور في موضوع التبان هذا بالتحديد، مكانه العيادات والمستشفيات النفسية.
لكن السي الوردي الله يهدي لم يوفر العدد القادر على احتواء كل هاته الجيوش من القابلين للدخول إلى هاته المحلات، لذلك ماعلينا إلا أن نترقب المزيد، ونصبر.
الله يشافي.