حين لا يجد هاوي السقطات من يسقطه، فإنه يفتعل ذلك افتعالا، تماما مثلما يفعل الأطفال، حين يتمرغون على الأرض لعبا.. لكن أن يقوم بهذا الفعل من بلغ من العمر عتيا، فتلك هي المصيبة .
يتعلق الأمر بعبد الحميد أمين الذي يبدو أن الشوق إلى السقوط والإسقاط جره جرا لدرجة لم يستطع قمع رغبته إلا بعد أن ينفذها على الأرض. وكان ما كان من اتفاق، مع رفاق له، على تنظيم وقفة – هي في الحقيقة سقطة – في الشارع، حيث سيتدخل رجال الأمن، وبقية التمثيلية معروفة.
أصبح الرجل مدمنا على الوقفات، وبارعا في السقطات هنا وهناك لأتفه الأسباب، وأحيانا بدون سبب وجيه، اللهم ما تمليه أجندة الفراغ القاتل التي تفرض عليه وعلى رفاقه ملأها بأي وقفة –عفوا سقطة -. وتلك عادة سيئة . الله يعفو.
عندما أعياهم التعب في البحث عن موضوع مناسب لتلك الوقفة، زعموا أنها للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وبالطبع، كان فريق من رفاق النهج حاضرين لالتقط صور ل" زعيم السقطات " في حركاته المثيرة التي تم تقديمها على أنها عملية سحل.
الغريب أن تختلط دوافع المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين بالاحتجاج على تنظيم مهرجان فني جرت العادة على تنظيمه بالمغرب كل سنة.
والأغرب أن تلتقي رغبة كل من هب ودب من "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان " ، و"النهج الديموقراطي " ، و"حركة 20 فبراير " ، ويمينيين وإسلاميين وحداثيين وتقليديين.. و" مدافعين عن حقوق الإنسان "... حول نفس الموضوع.
حين نبحث في سجل هذا الدفاع عن حقوق الإنسان ، نجد دعوات مفتوحة للحرية الجنسية ، والإفطار العلني في رمضان وغيرها من الدعوات المعلنة ، وما خفي أعظم.
هل الاحتجاج على تنظيم مهرجان فني يدخل في صلب واختصاص جمعية تعنى بحقوق الإنسان ؟ لكن ، لماذا نفس الجمعية "ضربتها " بسكتة منكرة عن قضية كبيرة من قضايا حقوق الإنسان تتعلق بالمناضل الصحراوي مصطفى سلمى الذي اختطفته عصابات "البوليساريو "، واحتجزته ، وعذبته ، ونكلت به ، وشردت أسرته قبل أن ترحله قسرا إلى موريتانيا ، مع الرفض المطلق تسليمه وثائقه الإدارية... في الوقت الذي أبدت حماسا مثيرا وهي تمطرق المغاربة ببلاغات نارية من الأقاليم الجنوبية حول وضعية حقوق الإنسان..؟
أما بالنسبة ل"حركة 20فبراير" ، فهي عاجزة على أن تعلن عن هويتها الحقيقية ، فبالأحرى أن تدافع عن حقوق الآخرين ، لأن فاقد الشيء لا يعطيه؛ ثم ، أين يمكن تصنيف هذه الحركة : هل هي حداثية أم تقليدية ؟ تقدمية أم رجعية ؟ علمانية أم إسلامية ؟ أم أنها مجرد "كوكتيل " يجمع كل الأصناف والألوان ، فأصبحت بلا لون ولا علامة ولا طابع يميزها غير طابع السقوط تارة في أحضان أقصى اليمين المتطرف وتارة أخرى في ذراع "رفاق النهج" الذي ضل الطريق عن الديموقراطية ؟
قال أحد الحاضرين في التظاهرة المذكورة : " إنهم يتنافسون عن البطولة والجوائز الدولية . أميناتو حيدر في الجنوب وأمين في الشمال. كلاهما مبدع سقوط وإغماء.. "
حمادي التازي