فظيع جدا، أن يسعى العائدون إلى الكهوف إلى جر المجتمع المغربي إلى الظلمات التي يعشقون..ومؤلم جدّا أن نختار كمثقفين كراسي المقاهي نتدبر شؤون الفراغ بلعب الورق، ونتقاسم الثرثرة ونستقيل أمام ما يحدث، لأن ذلك أخطر من ممارسات الخصم...
ان ما أثاره "العدالة والتنمية" كحزب ومريده، ومعه القنافذ المتطرفة في "العدل والإحسان"، و بني عمومتهم من المتطرفين المذهبيين "المتمركسين في سبيل الله" بلا فهم للماركسية أو قراءة كتاب واحد من الكتب الحمراء السوفياتية القديمة الخ.. نقول إن ما أثاره هؤلاء حول الفنانة العالمية جيزي وصعودها إلى منصة الغناء في إطار مهرجان موازين " مغرب الثقافات" من انتقادات، لا يمكن معه أن نركن للصمت، لأن الأمر تجاوز كلّ الحدود واحترام التعددية الدمقراطية، وأصبح الموضوع هو محاولة للتحكم في حريات الناس الفردية، و في حرية المرأة في اللباس، وفي الجسد...
الأمر ليس بالسهولة التي نتصور، والتخلف الذي يتحكم في الضباع التي أنتجها النظام التعليمي المغربي والتربوي المفلس- كما يقول المفكر محمد جسوس- الذي شكّل الذهنية الجديدة ونمطها على قوالب متطرفة إن لم نقل بـ "الرهابية" ، بتنظير من السيئ الذكر ادريس البصري وهواجسه الأمنية/الأمنية لضرب القوى العقلانية والتقدمية في المغرب ، منذ سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي، و هذا ما يلزمنا اليقظة والوقوف في وجه هذا المد الذي يختزل المرأة في عورة في الوقت الذي نجد فيه أن أصحاب هذا الفكر ورجالاته هم من توجد عقولهم في أيورهم وأبصارهم شاخصة في مؤخرات النساء من الكبث ومجاعات الحرية كالقادمين للتو من بلدان القمع والقحط الجنسي العربية(..)
جزي كانت عارية من نقطتين في جسدها ، فخذيها لتكون أكثر حرية وفي تبان رياضي كالذي لبسته الأسطورة نوال المتوكل لترفع شأن المرأة في هذا العالم العربي والإسلامي بظلماته إلى الساحة الأولمبية: وتصعد به إلى بوديوم النصر وعزف "منبت الأحرار ", ونفس الشيء حصل مع نزهة بيدوان البطلة العالمية في لباس يجعلها أكثر حرية وحركة في الجري، ولنفس السبب لبست جيسي "المايو" الرياضي أو"البيرميدا", أما رأس جيسي فكانت عارية من أجل عمل إنساني وخيري، يتمثل في التضامن مع المصابين بمرض السرطان، هي التي تخصص جزءا من مداخيلها لمرضى الداء الخبيث في العالم، وبناء خيريات لإيواء آلاف منهم... لكن وهنا بيت القصيد والسؤال الصاعق، لماذا نظر من توجد عقولهم في ذكورهم، إلى أفخاذها ولم ينظروا إلى رأسها ، لماذا اختزلها المصابون بالرّهاب الشرجي والقحط الجنسي" في الأفخاذ وليس الرأس والجسد ككل وما ينتجه من إبداع تجوب به العالم؟؟
قولوا لنا جوابكم، أليست رهانا، وجيزي، ونوال المتوكل، ونزهة بيدوان وغيرهن من النساء الذين أضاءوا سماء ليل هذا الوطن والعالمين العربي والإسلامي الطويل.. الطويل يستحقن أن ننحني لهن إجلالا لأنهن يتحدّون كل قوى الشد إلى الخلف، التي تريد اختزال المرأة في قطعة لحم للذة ودجاجة لتفريخ السلالة والذرية الذكورية، بمعنى الإنسانية في طور الوحشية وما قبل التاريخ وفي العهود البدائية.
رشيد بغا.