لن تجد عملية إصلاح القضاء سندا أو مضمونا أقوى من الذي وقع في خنيفرة، هناك في أعالي الأطلس. فقد استمع الأمن إلى خالة جلالة الملك، كأي مواطنة قدمت شكوى ضدها.
نحن نعرف البلاد ونعرف خروبها، ونعرف، أيضا، ماذا يعني خبر مثل هذا في الهنا والآن، وبالنسبة للمستقبل.
هو درس حقيقي قدمته الملكية، لأن إرادة الملك أرادت أن تقدمه.
بدأ الحديث عن إصلاح العدالة، والخروج من زمن الضبابية والعفاريت، يتمدد ويتمطط. وأصبح الشك حول الجدوى من الأسلوب الذي اعتمدته الحكومة ووزيرها في العدل يترسخ في الأنفس، بالرغم من التسكينات التي تسرب إلى الصحف إياها حول «اللمسات الأخيرة على إصلاح العدالة» أو من قبيل «الرميد قادم بالإصلاح قريبا».
في هذا الزمن الذي تكاد الأرض فيه أن تكون حجرا للتيمم، ونتذكر المثل التركي ساعة من العدل، تساوي 70 سنة من الصلاة!
لقد وضع جلالة الملك رجل الأمن الذي تولى الاستماع إلى واحدة من أفراد العائلة الملكية. وهذا هو المعنى المادي الملموس المرئي بالعين المجردة، لمعنى المساواة أمام القانون. ووضع، أيضا، واحدا من الشرطة القضائية، لأنه يحمل ختم العدالة فوق الاعتبارات التي تتدخل حتى في الحالات البسيطة.
لم يعد لنا ما نغبط عليه ملكيات أوروبا، بعد أن أصبح الجميع أمام القانون سواسية.
والنموذج من عائلة جلالة الملك.
لقد تساءل الصحافيون عن التحول، لكن يمكننا القول إن العدالة تنتهي عندما يبدأ .. اللغز، وعندما ينتهي اللغز تبدأ العدالة. ويرفع السر. وقتها عوض أن يكون القضاء في قفص الاتهام ويخضع للمحاكمة،
يخضع هو الآخرين للمحاكمة ويدخل الذي يجب أن يدخل إلى قفص الاتهام.
وعندما تكون العدالة مجرد «إدارة للقوة، فإن المواطنة تظل معلقة ورهينة الأحكام المسبقة.
حتى الذي لا يخاف القضاء ويخاف من القاضي!
أخبار العائلة الملكية تثير شهية الصحافة والمتابعة في الدول الأوروبية الملكية، وأن تكون متابعة خالة ملك البلاد ممكنة، فإن شيئا ما يبعث على الافتخار حقا. لقد اعتدنا أن موظفين صغارا وأناس العائلات، وبعضها بالكاد يعد في حساب الميسورة ماليا، يمكنها أن تغير مجرى العدالة، وبعض القضايا تصل إلى حد القتل!
ونعرف، أيضا، أن برلمانيين وزعماء نقابيين، وأحيانا أبناء قضاة أو عمداء أو رؤساء جماعات لا تصلهم يد العدالة، بل منهم من يمس برجال الأمن ومسؤوليه، وينسلون من المآزق كالشعرة من العجين..
كان من الممكن أن يحتل الخبر حيزا في صفحة داخلية، تم استدعاء خالة ملك البلاد السيدة حفصة امحزون للمثول أمام رجال الأمن، كأي مواطنة أخرى استوجبت سيرتها الاستماع إليها.
يلزم العدل الكثير من الشجاعة، بل يمكن القول إن العدل الذي يعرض نفسه تحت هيأه الشجاعة، هو عدل يفيد بأن المزيد منه قادم!.