إذا أردت أن تكون معارضا يشار إليك بالبنان – ولا يتم رميك ب"البنان" -، عليك بنكران هوية الوطن، وإعلان اختلافك عن ملة الأمة، وسب كل من يختلف معك من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار،مرورا بالمعتدلين والمتطرفين على أن تتوج كل هذا بخلع البيعة للملك. حينها ستكبر في أعين بعض الذين سيقولون لبعضهم : " والله ، إنه رجل واعر. " لكن هذا "الواعر" لم تكن له لا جرأة ولا نصفها لما كان يتنقل من منصب سام إلى آخر أسمى، وكان يتمرغ في بحبوحة العيش وما يصاحب هذه البحبوحة من ترف و..و.. هذه موضة المعارضة في الزمن الرديء.فجأة،يصبح" الرجل الواعر " ناهيا عن المنكر وداعيا إلى المعروف، ومنددا بالفساد هنا وهناك؛ يوحي للبعض بأن يكتب بأنه اضطر لمغادرة المنصب وتارة أخرى تم إجباره على ذلك ، فقط لأنه رفع عقيرته مستنكرا المنكر.عجيب أمر بعض الناس في هذا البلد . يتقمصون دور الضحية لأي سبب ، بينما لا ينتبهون إلى ماتخلفه قراراتهم من عشرات الضحايا –الحقيقيين – الذين تقطع عنهم الأجور، ويرمى بهم إلى الشارع ، حين يكون مثل هؤلاء الأشخاص متربعين على كرسي المسؤولية . عندما لايتمكن بعض هذه الكائنات من الانفراد بأكل كل الكتف، تراه وقد أصبح يفتي في الحلال والحرام؛ ويحذر من الفساد الذي ظهر في البر والبحر و...الجبل؛ ويستنكر الربا وأكل السحت.. ويتحول إلى منظر ينظر للتداخل بين السلطة والثروة، والسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي ينبغي السير على نهجها للخروج من الأزمة، و يضرب أخماسا في أسداس،" يدخل ويخرج في الكلام " عن وعي أو بدون وعي.بعض هذا البعض يسلك طريقا أكثر جرأة وكأنه " أبو ذر الغفاري القرن الحادي والعشرين"- مع البون الشاسع في المكان والزمان والشخصية – ويعلن خلع البيعة للملك احتجاجا على ما يسميه بالحيف الذي لحقه . بمعنى آخر، لا بد أن نقحم الملك في أي شيء، وحين يطلع الملك بنفسه على هذا الكل شيء، تسمع من يرفض التدخل الملكي في كل شيء... بينما تستحوذ هذه الفصيلة من الناس، حين يكونون في موقع المسؤولية ، على كل شيء وأي شيء." واللي دوا يرعف." هذه هي قاعدة المعارضين الجدد الذين سقط بهم السقف. هكذايصبح، مثلا ، أبو بكر الجامعي ، وعلي المرابط ، وأنوزلا وشركاؤهم ،وعصيد وحصيد ،ومن على شاكلتهم ،يضاف إليهم ابن الصديق، وبعض الكتبة من هنا وهناك .. أصحاب حقيقةلا ياتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها . لا حق لحد في معارضتهم .فهم يملكون الحقيقة.لا، بل يعتبرهم البعض " رموز إصلاح ! " . وما زالت اللائحة مفتوحة . والشرط الوحيد لعضوية هذا النادي أن تكون لك قدرة عجيبة على التنكر والجحود والكذب والتضليل والدوران.أماالحصول على العضوية الشرفية، فتتطلب سب الوطن والدين من طلوع الشمس إلى غروبها.
حمادي الغاري