كم تصدق هذه القولة المأثورة على ما يشهده المغرب هذه الأيام من توتر مصطنع في أقاليمه الجنوبية ، و ما تنطق به في المقابل أفواه سياسيين و جمعويين و فقهاء آخر ساعة ضد تماسك ووحدة البلاد تذهب الى حد التهجم على النظام القائم .
ففي الوقت الذي تصطف فيه هيئات المشهد السياسي والحزبي وفعاليات المجتمع المدني و مختلف أطياف المجتمع المغربي للتصدي للهجمة الشرسة التي يدبرها أعداء الوحدة الترابية في ربوعه الجنوبية الصحراوية، تأبى بعض الأصوات النشاز الا أن تغرد خارج الاجماع الوطني و العزف على نغمة معاداة النظام الذي ارتضاه الشعب منهاجا له مقدمة بذلك خدمة مجانية- أو ربما مدفوعة الأجر- لفائدة أوساط خارجية همها الوحيد الأوحد ، تقويض أركان هذا البلد الأمين الذي أزعجهم استقراره وموقعه الاستراتيجي المتميز.
و من آخر صيحات الطابور الخامس المتواجد بين ظهرانينا ما تجشأه محمد العبادي، الربان الجديد لسفينة العدل والإحسان المتهالكة ، حيث قال : " نحن نعاني من الملك و تدريجيا إن شاء الله سنتخلص من هذا النظام ونعود الى ما جاء في كتاب الله" وقد سارع حسن بناجح، الناطق باسم الجماعة اياها ، في محاولة منه للتلطيف من هذا التصريح الأخرق ، انسجاما مع لعبة "شي يكوي و شي يبخ" ، إلى توضيح أن كلمة " الملك" المشار إليها يجب أن تنطق بضم الميم و تسكين اللام.
لا يهمنا هنا التصحيح النحوي واللفظي ،و لا التحليل الفقهي الذي أسهب فيه خليفة المرشد عبدالسلام ياسين –اللهم اغفر له –لتوضيح تصريحاته تلك ، بقدر ما نود الاشارة الى أن ذلك العبادي ينطبق عليه المثل المعروف " سكت دهرا ونطق كفرا " .
و إذا علمنا ان زعيم العدل والإحسان نطق بكفره الى صحيفة الشروق الجزائرية – في أول حوار إعلامي عربي خارجي – فإننا لم نجانب الصواب حينما تحدثنا عن طابور خامس تنكر للأسف لهذا البلد الذي أطعمه من جوع و آمنه من خوف ، و سقط من حيث لا يدري - أو عن سبق إصرار- في لعبة فخ وسائل الدعاية الجزائرية التي لا تدع مناسبة تمر الا و مررت السم في الدسم و اقتنصت تصريحات تصب في اتجاه العداء والحقد الدفين للمغرب ، وأفلحت في "اصطياد" شيخنا الوقور الذي اتجه صوب الجارة العزيزة لحضور مؤتمر الحركة الدينية الجزائرية "حمس" ، ولو لم يكن صاحبنا شيخا طاعنا في السن لكان من حقنا متابعة جريدة الشروق الجزائرية بتهمة "التغرير بقاصر" حيث أنها تلذذت بانتزاع تصريحاته المبشرة بقرب التخلص من النظام (المغربي طبعا) .
لقد سبق للسيد محمد العبادي أن صرح عشية حمى الترشح لخلافة المرشد الخالد عبد السلام ياسين بأنه " مجرد رجل بسيط ولا يتوفر على مؤهلات الزعامة" مؤكدا على أنه "ليس أهلا لمنصبه الجديد ، لأن أدنى أخ أو أخت في الجماعة يمكن أن يسير دولة وليس حركة" .و ها هو يقدم لنا الدليل والبرهان على صدقية أولى تصريحاته تلك من كون أنه إنسان بسيط تعوزه المؤهلات القيادية ، ولا أدل على ذلك ما اقترفه من ترهات لدى بوق جزائري.
إدريس شكري.