خسرت البوليساريو معركة توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء، لكنها تريد تحويل الخسارة الأممية إلى مكتسبات سياسية للفعل الإنفصالي. ولذلك يبدو أن ثمة هدفين لتحركات الإنفصاليين هذه الأيام في الصحراء، من جهة تثبيت الحق في التظاهر وتوسيع هوامشه، ومن جهة ثانية حشد صور إعلامية لكسب التعاطف الدولي عبر استفزاز قوات الأمن المغربية.
إن السؤال الصعب في مثل هذه الحالات هو عن الحدود الفاصلة بين ممارسة حقوق الإنسان وبين احترام سلطة الدولة. بين الحق في التظاهر وبين ما يعتبر شغبا وخروجا عن القانون، من البديهي أن يستدعي الردع من طرف سلطة عمومية يناط بها اسعمال العنف المشروع للحفاظ على الأمن العام.
في كل البلدان الديمقراطية التي تعرف وجود نزعات انفصالية، يجري التظاهر وفق القواعد القانونية للدولة ووفق أعراف وتقاليد الممارسة الحقوقية، يجري تنظيم تظاهرات ومسيرات ويتم رفع شعارات ولافتات وحتى قراءة بيانات سياسية في تجمعات خطابية، ويكون حضور السلطة العمومية هناك حضورا تنظيميا وأمنيا ينتهي بانتهاء الموعد المحدد لاختتام التظاهر.
وفي نفس هذه البلدان التي تعترف للنزعات الإنفصالية بالحق في التعبير عن رأيها، لاتتردد السلطة العمومية في تحريك آليات الإكراه المشروع والمتابعات القضائية، حين ينحرف فعل التظاهر إلى أعمال شغب، إذ لايمكن باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان السماح بقذف قوات الأمن بالحجارة أو الإعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة.
وإذا كان الحد الفاصل بين التظاهر كفعل حقوقي وبين الشغب باعتباره جريمة واضحا بهذا الشكل، فإن السؤال العملي الذي تواجهه السلطات العمومية في الصحراء هو كيف يمكن إظهار هذا الفارق للرأي العام الخارجي الذي تستهدفه البوليساريو بعملياتها الاستعراضية القائمة على اصطناع المظلومية وترويجها إعلاميا.
إنها حرب إعلامية احترافية سلاحها الرئيسي الصورة، وعلى المغرب أن يدخلها دونما تردد أو ارتباك ليثبت بالصور والأدلة أن ما يجري شغب وليس حق في التعبير عن الرأي، وهي في نفس الوقت حرب ضد هيبة الدولة على السلطات العمومية أن تتعامل فيها بصرامة وحزم مع أي فعل خارج عن القانون. ففي نهاية المطاف، لايمكن ترك الدولة تترهل والانفصاليين يتجبرون باسم الأمم المتحدة، فلاشيء يعلو فوق شرعية الدولة و سيادتها.