يميز اللغويون بين الخطإ والمغالطة؛ فالخطأ هو الذي يرتكبه الإنسان أثناء الفعل دون أن يكون عارفا بأن ما يقوم به خطأ. والمغالطة هي الخطأ المتعمد قصد تزوير الحقائق وتحريفها من أجل خدمة هدف مرسوم سلفا. وهو شبيه بالجنون والحمق لهذا كان القدماء يقولون "اللهم ارزقني عدوا عاقلا". والعدو العاقل هو الذي يستعمل كافة الأوراق في حربه غير تزوير الحقائق والتاريخ والجغرافية وتزوير معلومات عليها شهود. فالتقرير الذي زعمت إحدى الجمعيات الحقوقية أنها أنجزته من مدينة العيون حول أحداث الشغب التي وقعت أخيرا وخصوصا التقرير حول أحداث الإثنين الماضي، كشف أنه تقرير أنجزه انفصاليون. فهل تحول فرع تلك الجمعية إلى محضن للانفصال؟ لما قرأ الزملاء الصحافيون الذين قاموا برحلة إلى العيون وبوجدور التقرير واستغربوا مضامينه المخالفة تماما للواقع. لقد وقف جل الصحافيين المشاركين في الرحلة على أحداث الشغب يوم الإثنين. ولم يتعرض رجال الأمن لأي واحد من هؤلاء سوى منعهم من الدخول إلى شارع المسيرة بغرض عرقلة السير. وشاهد الزملاء الصحافيون أطفالا ويافعين يرشقون الأمن بالحجارة وهذه ليست نكتة قديمة ولكن هذا إجماع الصحافيين، سواء الذين يتفقون مع الدولة أو يختلفون معها في طريقة تدبير ملف الصحراء. التقرير المتحدث عنه أورد حوادث ووقائع من محض خيال، تحدث عن ضحايا في مواجهات عنيفة جرت في مدينة العيون بين قوات الأمن والمحتجين. الصحافيون وقفوا على عمليات بسيطة بضعة أطفال تقودهم نساء يرفعون علم البوليساريو وكان الأمن يمنعهم من الدخول إلى شارع المسيرة. وشاهد الصحافيون رشقا بالحجارة على رجال الأمن والسيارات. نعود هنا إلى الموضوعية المفترى. المطلوب منا نحن فقط أن نكون موضوعيين في هذا المغرب. لكن الآخر يكذب علينا ويفتري وينشر الأخبار غير الحقيقية ويقول ما يشاء باسم مغاربة وجمعيات ذات منفعة عامة وتحصل على الدعم العمومي من أموال دافعي الضرائب، اللهم إن هذا منكر. إن الجزء الكبير من المؤامرة على المغرب اليوم هي مؤامرة إعلامية، هي صناعة للصورة والصوت. هناك أموال كثيرة يتم تحويلها لجهات معينة تقوم بصناعة وفبركة الصور والأحداث ونشرها على نطاق واسع، وهناك شبكة موزعة تلهف الأموال مقابل التآمر على المغرب. ويشارك في المؤامرة حقوقيون يزعمون إنجاز تقارير موضوعية، ويتم استغلال هذه التقارير من قبل إعلام العدو، وياليتها كانت واقعية وحقيقية. فقد وقف الصحافيون على كذب الجمعية الحقوقية التي تحصل على المال العام وتحول فرعها بالعيون إلى مكان يختبئ فيه الانفصاليون الذين ليسوا سوى كائنات تبحث عن المال والدعم والتحويلات. للمؤامرة عنوان واحد. هل أنت مع المغرب أو ضده؟ من حقك أن تطالب باحترام حقوق الإنسان وأن تكشف عن الاختلالات وخروقات حقوق الإنسان بالشمال كما بالجنوب. لكن ليس من حقك أن تكون مع تقسيم الوطن. وأغلب أصحاب الطرح المضاد من المحسوبين على الثوريين. لكن ثورة على طريقة استجداء التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي للبلد. وهنا يكمن خلافنا مع هؤلاء.
ادريس عدار.