رغم أن كثيرا من المصادر الإعلامية الغربية تحدثت عن موت الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، سريريا بعدما دخل في غيبوبة عميقة، إلا أننا نحن المغاربة كمسلمين بالدرجة الأولى نتمنى للرئيس الجزائري الشفاء العاجل، ونحن نعلم في قرارة أنفسنا أن هذا الرئيس الذي سبق له أن تقلد منصب وزير خارجية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، وابن مدينة وجدة لم تشفع له "جورة" أبناء المنطقة الشرقية، واستمر في حقده على المغرب، رغم أننا صراحة لا نعلم سر ذلك الحقد الدفين. فإذا كان نظام الجينرالات يعلم لماذا يعاكس إرادة دول المنطقة في بناء مغرب عربي كبير وموحد، وكذلك إرادة الشعبين المغربي والجزائري في إقامة علاقات متوازنة وأخوية، فإننا لا نفهم السر وراء استمرار بوتفليقة في حمل شعار "إغلاق الحدود إلى الأبد" ويكسر ما تبقى من مؤسسات المغرب العربي. إن بوتفليقة الذي يكن العداء لكل ما هو مغربي، لم يجد من وسيلة لإبراز هذا العداء ونقله إلى أرض الواقع سوى الاستمرار في تبني ما تبقى من وليدات البوليساريو والاستمرار في ضخ مزيد من أموال الغاز والبترول في مخيمات تندوف التي نبتت فوق التراب الجزائري، إن الوضع كشفت عنه كثير من المعطيات التي بينت كيف أن بوتفليقة استعمل ورقة البوليساريو لاستفزاز المغرب، وهو الذي ظل منذ كان وزيرا للخارجية ضد أي تسوية للملف، مما يؤكد وجود رواسب تاريخية، ناهيك عن مواقف النظام الجزائري المعادي للوحدة الترابية للمغرب. وكما وقفت الجزائر دائما موقف المدافع عن الأطروحة الانفصالية، استمرت في دعمها الذي نعتقد أن وراءه ما وراءه، فعاكست إرادة المغرب، ورفضت أي مقترحات تخرج عن إطار الانفصال، بل أكثر من ذلك رحبت بمقترح واشنطن الذي كان يقضي بتوسيع مهام المينورسو في الصحراء، قبل أن تبادر الخارجية الأمريكية وتسحب المقترح بعد الضغط الدبلوماسي السيادي والإعلامي والشعبي الذي قام به المغرب، وعلى الرغم من تأكيد وزير الداخلية الجزائري ولد قابلية الذي حل بالمغرب في عز الأزمة ليقول لنا إن الجزائر بلد محايد في قضية الصحراء، وهو نوع من التحايل السياسي الذي لا يمكن لينطلي على أحد. إن ما يحدث اليوم في المدن المغربية الجنوبية، وحالة الفوضى التي خلفتها عصابات استأجرتها أمينتو حيدر بتعليمات من قيادة البوليساريو ومباركة جزائرية، تؤكد وجود نية مبيتة لدى الطرف الآخر من أجل ترويع السكان، وإشاعة الفوضى، مستغلين في ذلك بعض أعضاء منظمات حقوقية لا تلتزم في كثير من الأحيان الحياد من أجل فبركة تقارير، كما فعلت كيري كينيدي التي روجت صورا للثورة التونسية ولمظاهرات وقعت في الدارالبيضاء وقدمتها على أنها من أحداث العيون في محاولة للتأثير على الرأي العام، وهو ما يذكرنا بما فعله جزء من الإعلام الإسباني حين اندلاع أحداث مخيم اكديم إيزيك، حين تم نشر صور لأطفال غزة وجريمة سيدي مومن، قبل أن يقف العالم مشدوها أمام كم المغالطات التي روجها هذا الإعلام المأجور، لكن الطامة الكبرى هي أن يسير جزء من إعلامنا الإلكتروني حذو هذه الجماعات التي تكون أهدافها معروفة، فتبدأ مواقع أثبتت عداءها لكل ما هو مغربي في فبركة الصور، وتقديمها على أنها لضحايا صحراويين. إن ما يحدث اليوم في المدن الصحراوية من تخريب وفوضى هو سيناريو معد من قبل الانفصاليين ومن يدعمهم خاصة من الجزائر، والهدف هو خلخلة الأوضاع الحقوقية، وتقديم المغرب في صورة وحش كاسر، مع أن كل الوقائع والصور أكدت أن الأمن المغربي تعامل بحنكة ورباطة جأش ورفض الانصياع وراء الاستفزازات التي وصلت حدا لا يطاق، لذلك لابد أن يأخذ المنتظم الدولي كل هذه الاعتبارات وهو يتعامل مع ملف الصحراء، حيث بنت البوليساريو كل أطروحاتها على الأكاذيب والإشاعات والأخبار الزائفة التي تجد دائما من يروجها سواء بمقابل أو بغباء مستحكم.