للكاتب الدكتور حاتم السكتاني.
أسال مقطع من شريط فيديو نشر على يوتيوب الكثير من الحبر ولازال. يتعلق الأمر بضابط من ضباط المينورسو ينتمي لبلد شقيق أظهر انحيازا فاضحا للطرح الانفصالي في خرق صارخ للقانون الدولي وخارج إطار صلاحيات المينورسو المنصوص عليها بعد اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ سنة 1991 بين أطراف النزاع المفتعل.
انحياز لم يتوقف عند غض الطرف على الاستفزازالمقيت لشردمة الإرهابيين ولا حتى عند التأييد المستتر، بل تعداه إلى القيام بأعمال تحريضية لشباب مغربي صحراوي محتجز ما زلنا نصر على أنه شباب مغرر به لايدرك خطورة المؤامرة التي حيكت ضد المغاربة الصحراويين على الخصوص من طرف جار جازانا على وقوفنا معه أثناء معركة استقلاله بنكران للجميل وبالحقد الدفين والعداوة من أجل العداوة.
قام هذا "الزابط" بحماسة يستشف منها رائحة المخابرات الجزائرية ومدى اختراقها لأجهزة المينورسو وألقى خطبته الناصرية البليغة فانبهر بها مجموعة من أولاد "فيدل كاسترو" بالتبني وهم شباب يائس تآكلت ابتسامته وسط أجسام نحيفة بفعل سنوات أمضوها في جحيم الحمادة و"نعيم" هافانا.
ستبدأ قصة هذا "الزابط ذو النسر الذهبي" عندما يستيقظ ضمير المنظمة الدولية فتقوم بطرده من بين صفوفها احتراما للشرعية الدولية وللمبادئ الأممية الراسخة، ويقوم جيش مصر الأبية بفصله لإساءته إلى بلد لم يسئ إليهم كما فعل الجزائريون بهم في الجزائر العاصمة والخرطوم لمجرد منافسة على بطاقة تأهل لكأس العالم 2010.
والآن وبعد أن تبرأ منه الجميع، فلنتصور أن زعيم جمهورية الوهم بادر إلى استضافته في خيمته "العامرة" بكل أنواع المؤونة من سكر وشاي وزيت ومربى ومعكرونة ودقيق ولحم ﯖاموس ... القادمة من المعونات والمساعدات الدولية والمتجهة طبعا إلى أسواق الجزائر وجنوب الصحراء. ولنتخيل حرارة اللقاء والعناق بين الخليلين وما يمكن أن يقترحه عبد العزيز تابع عبد العزيز على ضيفه العزيز بعد التمر وحليب "المعيز".
لقد أعجب "المراكشي" ب"الفتى" ذو القبعة الزرقاء وبسفسطائيته الملفتة للنظر وبلغته العربية الفصيحة أثناء هيجانه أمام الشباب وزميله الأرجنتيني. ظن أنه في أمان بمنأى عن عيون المغرب المفتوحة التي ترصد العدو أينما حل وارتحل. لقد قام الشباب الذي وثق فيهم "ابن العبيطة" بتسريب الشريط مكافأة له على شطاحته.
وبعد التمر والحليب قام "الزعيم" بإعداد وليمة على شرف "الزابط" الفاقد للشرف الوتاق للترف. صبت كؤوس الشاي المتتالية بعدها جاء عرض أخينا عبد العزيز على شقيقنا هاني. وخلاصة العرض أن يقوم هذا الأخير، بدل البطالة، بتدريس اللغة العربية لفوج حديث العودة إلى تندوف بعد ترحيل قسري لسنوات طوال إلى "الرفيقة" كوبا.
طلب منه الزعيم تلقينهم النحو والإعراب والصرف عبر أمثلة ترفع من معنوياتهم المحبطة. قبل "الزابط" العرض المغري خصوصا وأنه كان يحلم بشراء "شقة وعفش ومروحة" وتبخر حلمه كما تتبخر المياه الزائفة في سراب تندوف.
شرع صديقنا هاني في تدريس التلامذة، فتحول القسم منذ الدرس الأول إلى "مدرسة للمشاغبين". أسرﱠ لي أحدهم ذات يوم أن "الأستاز" ذو الصوت "النشاز" سأل زميلهم "سالم" عن ماهية الجار والمجرور طالبا منه إعطاءه مثالا على ذلك فأجابه بكل ثقة وتلقائية :
- الجار هو الجزائر والمجرور هو البوليساريو. الجار جار المغرب والمجرور نزح عن المغرب، الجار ضار والمجرور عار.
ذهل "الأستاز الزابط" فقاطعه مستشيطا غيظا :
- أنا أتكلم عن الجار والمجرور في النحو لا عن الجيران وشؤونهم! !
فعقب "سالم" قائلا :
- لماذا إذن حشرت نفسك في شؤونهم طالما أن القضية بين المغرب والجزائر، الأول صاحب حق والثاني جائر، فلا تجعلهم يشترونك بعلبة سجائر!
في هذه اللحظة قام التلامذة، وقفوا وصفقوا تشجيعا لزميلهم الثائر، فأظهر "الأستاز" ابتسامة ماكرة وهو يرجف من هول ما سمع ورأى فقال :
- لنمر إلى درس آخر، درس الفاعل والمفعول به. وتوجه إلى "السالكة" :
- أعطني "يا شاطرة" مثالا عن الفاعل والمفعول به
فأجابته بفخر :
- "هزم المغرب البوليساريو" وإعرابها : هزم فعل ماضي مبني على الفتح القريب إن شاء الله، المغرب : فاعل رئيسي مرفوع الرأس والشأن، البوليساريو : مفعول به منصوب عليه ممنوع من الصرف "وكايقلب على الصرف". ف"تفرشخ" التلامذة ضحكا ورفعوا أعلام المغرب و"ضربتها السالكة بواحد التزغريتة فاعلة تاركة".
خرج التلامذة من القسم رافعين الأعلام الحمراء المرصعة بالنجمة الخضراء وطافوا على كل الخيام المجاورة وكانت هذه هي شرارة انتفاضة الصحراويين الأحرار ضد العبودية والاحتجاز.
بحث جنود "الزعيم" عن "الزابط المخلوع" فوجدوه مشنوقا وقد تدلى لسانه الطويل من بين فكيه. مسكين هذا المرتزق! لقد ذكرني بمثل مغربي صحراوي أصيل يقول : "الناﯖة جابت الشعير والبعير آش جايدير؟"