ومنذ ذلك الحين لم تتوقف الجزائر عن بعث الرسائل، التي تدل على أن السُّعار بلغ مداه سواء من خلال تأكيد الجزائر، على لسان رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري، العربي ولد خليفة بأنها لن تتنازل عن حق تقرير المصير بالنسبة لقضية الصحراء التي عمر النزاع بشأنها حوالي 38 عاما بين المغرب وجبهة البوليساريو، وهو تأكيد بلغ مستوى التهديد الصريح حين قال نفس المسؤول إن" قرار مجلس الأمن سيكون له ما بعده".
وبتزامن مع هذه التصريحات، تلوح جبهة البوليساريو بالعودة إلى حمل السلاح وإشعال الحرب في المنطقة، بعد فرحة لم تعمر طويلا في أوساط عصابة تندوف، بعد تراجع الولايات المتحدة عن مشروع مسودتها، وفي غضون ذلك، تندلع مسرحية أميناتو حيدر وبضعة عشرات نفر بمساندة مهينة لكل الحقوقيين الأحرار في العالم من طرف نشطاء في جمعيات تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان تصاحبها في كل ذلك جوقة إعلامية "تابعة بالنافخ جيلالة" على رأي المثل المغربي، معروفة دائرتها و تقودها "لكم" العربية وصاحبها علي أنوزلا و"لكم" المفرنسة لصاحبها أبو بكر الجامعي(..)
لقد أصيب هذا المحور بانزعاج هستيري انطلق من قصر المرادية ووصل الى تندوف ولم يجد ما يلهي به نفسه غير شدّ خيوط اللعبة على مسرح الكراكيز بالعيون والسمارة، كما أوضحت أشرطة الفيديو على ّاليوتوتوب" ذلك. فبطريقة مخبولة كان الممثلون يسقطون كنُدف القطن من تلقاء أنفسهم، بعدها تصل الجمعيات من أجل أن تقيم المآثم الكاذب، وتنقل الصور المزيفة والمفبركة، إلى موقع "لكم" لينشرها بسذاجة مطلقة أو متعمدة.
إن الجزائر هي المعني الأول بالصراع في الصحراء، وهي المخرج الحقيقي والسيناريست لكل الحرب التي ناهزت نصف قرن، أما محمد ولد عبد العزيز وعصابته وأميناتو حيدر والبقية... الى جانب أبواق الدعاية المفلسة مالا ومآلا(..) ما هي إلا كراكيز تابعة لقصر المرادية، باسم حق تقرير مصير الشعوب، المصير الذي كان على الدولة الجزائرية تطبيقه في منطقة القبايل و ورغلة و في الجنوب الجزائري كلّه، أليست تلكم شعوب تريد تقرير مصيرها؟
بكلّ التحدي المغربي، يسأل كاتب هذه السطور تلكم المنظمات عن هذا الهياج أين كان؟ وكيف غاب عن حرب وأفران إسرائيل في غزة؟ لماذا كانوا يغمضون عيونهم كالنعامة عن المحرقة؟ ولماذا ساوت تقاريرهم بين بندقية الفذائي وصاروخ صنعه حدّاد يشبه "الخازرق" وبين القنابل الفوسفورية المحرمة دوليا؟ كيف تساوى خرق حقوق الإنسان بين مجموعة مقاتلين في خنادق المقاومة وجيش عرمرم يملك آخر صيحات صناعة الموت العالمية في إسرائيل؟ وكيف تساوى جسم صغير لطفل رضيع قصفته إسرائيل بكل أنواع الموت البري والبحري والجوي مع رجل المقاومة وأصبح بقدرة المنطق الأعور لجمعيات حقوق الإنسان تلك ارهابيا كان مطاردا، وفي أقصى اللطف درعا بشريا؟
وبنفس التحدي ل"مؤسسة كيندي" وغيرها لماذا لم تنزل هذه الجمعيات للضغظ على أمريكا للتقدم بمشروع يدين خروقات إسرائيل في مجلس الأمن؟ ألا يريد الشعب الفلسطيني دولته وأرضه وتقرير المصير؟ وأبعد من هؤلاء أين كان قصر المرادية وبوتفليقة وأموال النفط ، ولماذا لم ترسل الجزائر منها ولو حبة أسبرين وحقنة بنسلين، كدعم إنساني وفي الحد الأدنى التضامني؟
آلة العدوان والعداء الجزائرية ضدّ حقوقنا الوطنية العادلة خبّرناها من سنين، وحربنا طويلة مطوّلة ، وهاهي اليوم كما تفضحها الأشرطة المصورة للعالم وتعري زيف اللعبة القذرة في العيون والسمارة، هاهي الآلة تحركت بطريقة مرتبكة، وصفوف مختلة، ومرهوبة، لأنها تلعب آخر الدقائق في المواجهة، ولم يعد لديها ما تخسره بعد إنفاق 40 مليار دولار وعائدات النفط وتفقير شعب المجاهد الأمير عبد القادر، باسم" تقرير المصير وحق الشعوب في ملئ الحسابات والجيوب"..
وللكل كمغاربة ندعو الحكومة إلى إعمال القانون كما في طنجة أو وجدة، فهناك قانون وسيادة مغربية، العيون أو السمارة ليست أدغالا موحشة، بها حيوانات مفترسة كما يتصور الواهم من خصوم وحدتنا الترابية في الداخل أو الخارج، هناك أرض وهناك دولة ذات سيادة وإدارة ومواطنون اختاروا العيش في كنف وطنهم الأم، ولن ينال منهم كل هذا الإزعاج المفتعل...