اأي قيمة تمتلك تصريحات زعماء الأحزاب السياسية حول قضية الصحراء؟ أي دور يمكن أن تلعبه في مواجهة مخطط اللوبيات الأمريكية؟ وهل لها القدرة على التأثير عبر علاقاتها على هذا القرار؟ لماذا لم نر تحركا دوليا لهذه الأحزاب؟ لماذا لم تشغل وتستغل علاقاتها الدولية في التأثير أو محاولة التأثير على صناع القرار؟ والسؤال الجوهري والحقيقي هل لدينا أحزاب من هذا المستوى؟ فالأحزاب تلوم الدولة على أنها لا تشرك ممثلي المجتمع في القرارات المصيرية حول الصحراء. وتقول إنها لا ترجع لها إلا في حالات الأزمة. في كلام الأحزاب السياسية جزء من الصواب لكنه يخفي وراءه أزمة الأحزاب السياسية نفسها. فهل تتوفر قيادات الأحزاب السياسية على كاريزمات قادرة على إقناع أصدقائها بالخارج وحلفائها؟ وسط اللجة السياسية "الحيحة" يتساءل المرء ما إن كان الضجيج الذي تحدثه الأحزاب السياسية يوازيه بالمقابل وجود برامج مبنية على تصور واضح للمستقبل؟ ويتفرع عن هذا السؤال آخر يبقى الأول مشروطا به وهو؛ هل تمتلك الأحزاب السياسية المغربية المعلومة السياسية الاستراتيجية؟ كيف تحصل عليها وكيف توظفها؟ وهل المعلومة متاحة للجميع أم أن الأحزاب انتفت فيها صفة اللاقط للمعلومة؟ في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كانت المعلومة تتجول دوليا في مسالك ومسارب محددة. وكان الحصول عليها يتم عن طريق الانتماء لهذا الطرف أو ذاك. وكانت للأحزاب امتدادات دولية تمكنها من الحصول على بعض المعلومات أو جزء منها. يقول سياسي عاش تقلبات تلك المرحلة إن المرحوم علي يعتة، الزعيم التاريخي للحزب الشيوعي المغربي بصيغه المتعددة، كان يلتقي في إطار تجمع الأحزاب الشيوعية بقادة كبار وكان يحصل على المعلومة التي جمعتها المخابرات الروسية لكن عن طريق الحزب الشيوعي السوفياتي. وكان المرحوم عبد الرحيم بوعبيد يلتقي مع رفاقه في إطار الأممية الاشتراكية ومنها أحزاب حاكمة لديها مداخل استخباراتية للمعلومة. فكانت المعلومة تنتقل من جهاز المخابرات إلى مؤسسات الدولة فيسربها الحزبيون إلى رفاقهم. يعني لو كان علي يعتة اليوم حيا لقام بجولة تقوده إلى موسكو وبيجين، وخاطب القادة الروس بالروح الشيوعية التي ما زالت ترفرف فوق ساحة الكرملين. فاليوم هناك خطأ شائع حول القيادة الروسية. فرغم تبنيها لخيارات ليبرالية في الاقتصاد فإنها ما زالت مسكونة بالبروليتارية، فهي تتعامل مع أمريكا ندا للند. وتنظر موسكو لبعض الديبلوماسيين على أنهم "جوارب" للإمبريالية. فكان بإمكان يعتة أن يقنع رفاقه. ولو كان عبد الرحيم بوعبيد حيا لطار للاجتماع بالأحزاب الاشتراكية الأوروبية التي لها اليوم حظ من التأثير على القرار الأوروبي. وكان بوعبيد شخصا محترما ومقدرا لديها وكلمته مسموعة. لكن اليوم هيهات هيهات. وما دامت القضية وطنية يمكن النداء على عبد الرحمن اليوسفي وقادة اليسار المبتعدين عن الفعل السياسي للتوجه شرقا. العمل السياسي ليس ترفا. ولا يمكن أن يخضع للهواية. كي تكون الأحزاب "قد المقام" لابد أن تعرف بأن الدولة مؤسسات وليست في متناول من كان. فمن حق أي مواطن أن يؤسس حزبا سياسيا لكن ليس بمستطاع أي حزب أن يقود الحكومة.