تعقد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مؤتمرها العادي الذي من المقرر أن يخرج بقيادة جديدة لكن من غير المرتقب أن يغير ذلك من سياسة الجمعية الخاضعة لوجهة نظر النهج الديمقراطي، الذي يعتبر التيار المهيمن على هذه المنظمة الحقوقية، ومواقفه من القضايا الكبرى للمغرب معروفة تاريخيا وبالتالي من غير المنتظر تغيير هذه السياسات إلا بتمكن التيارات الأخرى من خلق التوازن داخل الجمعية وتحويلها من منظمة يمارس من خلالها تيار واحد الصراع السياسي إلى منظمة مدنية تهتم بحقوق الإنسان.لسنا ممن يقول إن كل شيء جيد في المغرب، ولكن لسنا ممن يقول إنه لا شيء تحقق في المجال الحقوقي، وأن المغرب لم يراكم شيئا. طبعا هناك خروقات ولهذا الغرض ولدت الجمعيات الحقوقية من أجل متابعة هذا الخروج عن القانون، وهذا هو دورها الأساسي وتم وضع المعايير من أجل إعداد التقارير الحقوقية ورفعها لمن يهمه الأمر.الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لديها رؤية واحدة، تضع نظارات سوداء ولا تراعي تبدل الفصول، وبالتالي فهي تنظر إلى المغرب على أنه حظيرة لانتهاك حقوق الإنسان وأن هناك سياسة ممنهجة لخرق حقوق الإنسان. ودليلنا على ذلك هو أنه يمكن لأي متتبع أن يعرف موقف الجمعية قبل أن تصدر هذه الأخيرة بياناتها.فالجمعية انفردت بموقف متفرد ومنفرد بشأن مسودة القرار الأمريكي بتوسيع صلاحيات المينورسو، لا لأن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حريصة على الحقوق أكثر من غيرها ولا لأنها تفهم أكثر من الآخرين في السياسات الدولية، ولكن لأن موقف النهج الديمقراطي من قضية الصحراء مساند للطرف الآخر وهو الحزب الذي سمح بقراءة رسالة محمد عبد العزيز في مؤتمره العام، وبالتالي فإن موقف الجمعية هو موقف تيار النهج لأن الأحزاب الأخرى المشاركة كانت كلها ضد القرار ومنها أحزاب ذات توجه جذري وغير مشاركة في عملية الانتخابات.ومواقف الجمعية مرتبطة ببنيتها الستالينية التاريخية، أي بنية التحكم حيث يمارس شيوخ الجمعية سلطات واسعة حتى من خارج مؤسسات اتخاذ القرار داخل هذه المنظمة، وهي بنية لا تتيح التحول التدريجي للمواقف ولكن تتصلب على مواقف قديمة قد تكون مواقف جيدة وصائبة في حينها لكن من غير الممكن اعتبارها كذلك اليوم.فالتيار الستاليني ما زال ممسكا بدواليب الجمعية وينظر إلى الواقع اليوم بنظارات الثمانينيات يوم كانت الجمعية وسيلة للصراع السياسي مهتمة بالدفاع عن المعتقلين السياسيين وليس الدفاع عن الحقوق. إذا لم يكن المغرب وصل إلى سدرة المنتهى في الحقوق فإنه قطع أشواطا مهمة في مجال الحقوق ومأسستها وأصبحت هيئات حمايتها دستورية يعني استحالة التراجع عنها، وأغلب شيوخ النظارات السوداء استفادوا من تعويضات الإنصاف والمصالحة.يمكن أن الجمعية لم تعد قادرة على النظر بالنظارات السوداء فأصبحت في حاجة إلى نظارات طبية.