حاول الكثيرون إقناعنا بأن مسودة القرار الأمريكي حول توسيع صلاحيات المينورسو لا تتضمن أي شيء ضد المغرب، وأنه من مصلحة المغرب أن يقبل هذا القرار ويصفق له ويرحب به. من بين هؤلاء من لا يفهم في الجيوبوليتيك ولكن أغلبهم ممن يخدمون أجندات ومصالح. ولا نستثني في هذا المجال تنظيمات دعوية وسياسية ومدنية تعرض خدماتها على من يريد أن يشتري كما لا ننسى الملحقين الإعلاميين بالمصالح الأجنبية. بدون لف ولا دوران القرار خطير ويهدد سيادة المغرب، ولا عبرة بمن يقول إن المغرب لا سيادة له في الصحراء. وتكمن خطورة القرار في كونه يسعى إلى توسيع صلاحيات جهاز مكلف بالحرص على وقف إطلاق النار ومهمته في العالم هي حفظ السلام، ولم يكن من مهامه مراقبة حقوق الإنسان التي تحتاج إلى معايير دقيقة وأدوات معقدة، ولا تتم إلا بموافقة الدولة. هذا أولا. أما ثانيا؛ فإن حقوق الإنسان لم تكن في يوم من الأيام موضوعا للشفافية والنزاهة، فتقارير المنظمات الحقوقية الدولية تخدم في جلها المواقف الأمريكية فمن رضيت عنه أمريكا فهو الدولة الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان ومن غضبت عنه فهو الدولة الديكتاتورية التي تقمع الشعب، حيث رأيناها تسكت ستين سنة عن الغطرسة الصهيونية تجاه الفلسطينيين، وتسكت اليوم عن ممارسات دول تعتبر أدوات في يدها لتغيير الأنظمة ووضع أخرى مكانها، أنظمة لا تقبل كلمة واحدة وتجلد وتسجن من أجل القصيدة وتعتقل وتحكم ولا يسمع لها العالم حسيسا. وثالثا؛ فإن حقوق الإنسان هي الوسيلة الأهم اليوم في يد الغرب عموما وأمريكا خصوصا للتدخل في شؤون البلدان قصد التحكم فيها. يكفي أن تخدم مصالح الغرب وتسحق شعبا بأكمله أما إن خالفت الغرب فأقم ما شئت من الديمقراطية فإنها تبقى غير مقبولة. ورابعا؛ فإن حقوق الإنسان تخضع لازدواجية المعايير، فأينما كانت المصلحة فتم تضع الدول الغربية يدها، وعندما لا تكون للغرب مصلحة في بلد من البلدان يعود للحديث عن المبادئ. فمراقبة حقوق الإنسان تتم عن طريق هيئات ذات مصداقية ومتفق عليها وعلى أدواتها وأن تكون الدولة المعنية موافقة على الموضوع ومراقبة لأي محاولة لتحريف الحقائق. وعودة إلى موضوع السيادة فإن التشكيك في سيادة المغرب على الصحراء هو الورقة التي يلعب عليها من يمكن اعتبارهم أدوات في يد الآخر. فإذا كان المغرب قبل الحوار حول قضية الصحراء فلا يعني أنه فرط في السيادة أو أنه لا سيادة لديه على أقاليمه الجنوبية، ولكن هو محاولة لإدماج كافة الصحراويين في مشروع استكمال الوحدة وضمان الاستقرار والتماسك الاجتماعي الذين لا يمكن تشتيتهم على محورين. أما سيادة المغرب على أقاليمه فهي تاريخية وقانونية وسياسية واقتصادية. يبقى أن نشير إلى أن أدوات التآمر تظهر في المعارك الحقيقية.