لم تخف الجزائر تحمسها لمشروع القرار الأمريكي، الذي يروم توسيع مهام بعثة الأمم المتحدة في الصحراء، لتشمل "مراقبة" حقوق الإنسان أو استغلال هذه الورقة، واللعب، والتلويح، والضغط، والإبتزاز بها لحاجة في نفس البيت الأبيض.
وتفنن صقور قصر المرادية في البحث عن مبررات للدفاع عن القرار، بالرغم من أن مسؤولي الجار الشرقي طالما ادعوا أنهم ليسوا طرفا في هذا النزاع.
الجزائر، وعلى لسان أحد كبار مسؤوليها، لم يمتلك حتى الشجاعة للكشف عن هويته، أدلى بتصريح للموقع الإلكتروني: " الكل حول الجزائر (TSA)" يتهم فيه المغرب بمحاولة "إفساد" أو " تشويه" مهمة "المينورسو"، ودافع عن حق بعثة الأمم المتحدة في "مراقبة" حقوق الإنسان... بمبرر أن هناك انتهاكات لها في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
ولقد أغفل هذا المسؤول جملة من الحقائق، وإن كان حاول الظهور بمظهر الخبير بقوانين الأمم المتحدة، ومنهجية عمل المنظمة الدولية:
أولا: أن مهام "المينورسو" كما هي محددة في اتفاق 1991 هي الإشراف على عملية وقف إطلاق النار لا أقل ولا أكثر ، وأن مهمة المبعوث الأممي هي وضع إجراءات بناء الثقة بين الأطراف المعنية.
ثانيا: أن المغرب ليس في حاجة إلى من يعطيه الدروس في مجال حقوق الإنسان، لأنه اختار طي هذه الصفحة عن طريق هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أصبحت تجربة رائدة في مجال العدالة الانتقالية، حيث لا تخفي العديد من الدول الرغبة في الاستفادة من الخبرة المغربية في هذا المجال. وهو الإنصاف والمصالحة التي شملت حتى المعتقلين الصحراويين بمن فيهم أمينتو حيدر التي تُقدم نفسها اليوم كمناضلة حقوقية، لكنها في العمق مجرد دمية تحركها الأيادي، التي لم تعد خفية، للجزائر، ومؤسسة روبيرت كنيدي... أو زيد أو زيد.
ثالثا: أن خيار حقوق الإنسان، بالنسبة للمغرب، ليس مجرد "مرق فوق طعام" أو طلاء واجهة، بل قناعة راسخة، وبالتالي لا يحتاج المغرب لمنْ يراقب حقوق الإنسان على أراضيه، مادام قد وضع المؤسسات والآليات التي تنهض بهذه المهمة من دون حاجة إلى تطفل المتطفلين، وتبعا لذلك فإن رد المغرب على مشروع القرار الأمريكي يندرج في هذا السياق.
رابعا: أن التلويح بورقة حقوق الإنسان فيه من الابتزاز للمغرب أكثر مما فيه من الحرص على حقوق الإنسان، لأن الولايات المتحدة الأمريكية والجزائر يعرفان الكثير من مظاهر انتهاك حقوق الإنسان.
خامسا: أن المغرب لن يرضخ لحسابات المصالح بين البيت الأبيض وقصر المرادية، لأنه محصن بمنطق الإجماع الوطني، وبالتالي لن يلتفت إلى كل هذا الضجيج المفتعل مادام يعلم جيدا أن حقوق أي مواطن محصنة بقوة القانون ولا تحتاج إلى وصاية بعثة الأمم المتحدة.
رشيد الأنباري.