لقد أصيب وجدان المغاربة ومقدساتهم الوطنية والسيادية في الصميم، مثلما أصابت الهمجية الإرهابية بوسطن قلب الحب والحرّية الأمريكية، لا فرق بين الحدثين سوى في الرايتين. فمن طنجة إلى الكويرة في أعماق الصحراء فجّر القرار الأمريكي أطنانا من المتفجرات القوية، مجازا، لنسف طموحات مملكة شابة صديقة ومتعاونة مع واشنطن إلى حدّ بعيد.
الصحراء المغربية ليست مجرد حجر وتراب وقليل من الشجربالنسبة لنا، بل هي القضية المقدسة، أو الديانة المشتركة بين اليهود المغاربة والمسلمين المغاربة ، وهذا هو الغريب والعجيب في قضية متعددة الحساسية الاثنية والعرقية والهوياتية مسّتها أمريكا في الصميم، باسم حقوق الانسان. وكذبة هيئات نحترمها في حدود احترامها لمصداقيّتها، لكن افتراءاتها في تقارير مغشوشة جرّت خلفها الديبلوماسية الأمريكية الى قرارات، تبّا لها، لن يحترمها أحد.
إن مشروع توسيع مهام "المينورسو" كان المفروض منطقيا، أن يطرح كمشروع قرار ضد البوليساريو في تندوف، وليس المغرب لأنه واضح للعالمين أن جون كيري وإدارته - كتابع لصورة نسجها خيال"مؤسسة كيندي لحقوق الإنسان"- أخطأ العنوان وخالف كلّ شرعية دولية وخاصة مواثيق الأمم المتحدة.
ففي الصحراء المغربية ليس هناك معتقلات في حاويات السلع الحديدية تحت الشمس أو أفران محمد بن عبد العزيز الشبيهة بأفران هتلرالنازية ومحرقته ضد اليهود والإنسانية..ليس في الصحراء المغربية تنشط "القاعدة" الجهادية وتختطف الأبرياء وأصدقاء الشعوب من موظفي الإغاثة والمساعدات الدولية.. ليس في الصحراء المغربية يمنع المواطن المغربي ولد سلمى من العودة الى المخيمات ويعيش مشردا بين الحمادة ومكتب اللاجئين بالعاصمة الموريتانية.. ليس في الصحراء المغربية خطر تزود الجماعات الإرهابية بأسلحة الدمار الشامل الجرثومية والنووية..ليس في الصحراء المغربية يعيش المغاربة المحتجزين عهود العبودية التي ناضلت شعوب العالم ضدها من ثورة الزنج ل"سبارتاكوس" الى تحرير الأبارتهايد في إفريقيا الجنوبية، نعم العبودية وأسواق النخاسة البشرية، في القرن الواحد والعشرين، في الأطفال والنساء والشباب ..بل ومافيات تجارة الأعضاء الآدمية الخ..
على كلّ، ان "الضربة التي لا تقتلنا تقوينا" ومنذ العصور الغابرة، اعتدنا أن نكون نحن المغاربة من الجبّارين في الدفاع عن حدودنا، برا وجوا وبحرا. لم تكن الصدفة خلف تناسل انتصاراتنا في الحروب الطويلة الأمد ولا نقول المعارك، لأن خسارة معركة نتركها خلفنا لكن بعد أن نستلهم منها بأن خسارة معركة ليست هي خسارة الحرب، و يكفينا أن يبقى شعبنا فتيّا في روحه لأن المعارك تتبدّل والميادين تتغير ومهما طالت الجراح يأتي الفجر ومعه زغاريد النصر.
ومناسبة ما سلف من كلام على الحرب والنصر، هو ما طالعته في الصحف الدولية والاسبانية خاصّة، بأن "أمريكا طعنت المغرب" بمشروع قرارها الذي تعتزم تقديمه لمجلس الأمن نهاية الشهر الجاري، والقاضي بتوسيع صلاحيات "المينورسو" لتشمل حقوق الإنسان بالصحراء المغربية، لا أريد أن أقول بأن أبشع من الغدر هي طعنة جبان من الخلف، لأن المقام والمقال في السياسة والمصالح وليس في الأخلاق.وسأكتفي بالتلميح الفصيح ليس بالتصريح ولا التجريح، أن أمريكا هي: من طعنت نفسها بنفسها و طعنها وزيرها في خارجيتها جون كيري في مصالحها ،بخطأ فادح لا يغتفر مادام لم يصحح، ولتحسب حساباتها من ألف إلى ياء، لأنه في العلن والخفاء تشترك أمريكا مع المغرب في الربح والخسارة وفي كلّ الأشياء ..من المال الى المآل.
رشيد بغا.