يقول المغاربة عن الذي يتشبث بفكرته حتى لو كانت خاطئة "تكبر وتفهم"، نتصور أنه في 2018 يكون الأمير مولاي هشام قد نضج سياسيا وعاد إليه الوعي الوطني، واستوعب التحولات الحاصلة في المغرب وتخلى عن أحلامه وتخيلاته التي صورت له مغربا آخر يضع دستوره أشخاص لا علاقة لهم بالدستور مثل بنسعيد أيت إيدير ونبيلة منيب وكريم التازي وعبد الرحيم برادة وآخرون، نتصور أن يستيقظ مولاي هشام في 2018 ليعترف بأن الأشخاص الذين اختارهم للمجلس الدستوري لا يصلحون حتى لقراءة الدستور وفهمه، طبعا قراءة التأويل كما هو مأمول من رجل السياسة. فمولاي هشام غائب عن الواقع بحكم إقامته الدائمة في أمريكا وبحكم أن المعلومات التي تصله تكون دائما مغلوطة لأنها تصل من عناصر لا غرض لها في الاستقرار، وتمنى مولاي هشام إصلاحا زراعيا دون أن يقول إنه سيكون أول المشمولين بالمراجعة والمساءلة عن ضيعاته التي سيسمح بها للفلاحين ومنهم من طردهم تعسفيا من العمل. يتحدث مولاي هشام قائلا "يجب أن يكون المرء مغفلا ليثق في خرافة الأمير الطيب والبطانة السيئة، أو ملك الفقراء الذي يحيط به الانتهازيون الساعون لجمع المال ولكن دون علمه...". يتذكر مولاي هشام جيدا يوم اتهمه القيادي الاتحادي عبد الهادي خيرات علانية بكونه استولى على أربعة ملايير من أحد الأبناك العمومية فأقام الدنيا ولم يقعدها لأن خيرات لا دليل له. فما هو دليل مولاي هشام على فساد المحيطين بالملك؟ وقع مولاي هشام في خلط عجيب، خلط نظري وتاريخي جعله لا يميز بين الدولة ومراحل تطورها، لأن سنة 2018 التي يتحدث عنها غير متصلة السند بالواقع الحالي سواء نظرنا إليها سلبا أو إيجابا، أي أنه يتحدث عن طفرة غير ممكنة في التاريخ السياسي وإذا وقعت لا قدر الله لن تكون إلا فوضى وأمواجا من الظلام. فمولاي هشام ليس له إلا أن يتوهم مغربا آخر على مقاسه سنة 2018 لأنه لم يعد يمتلك أدوات التمييز داخل المغرب ولم يعد يرى التغييرات التي تحدث بل ما زال متشبثا بأفكار ابتلعها وهو في مرحلة الشباب. لم يستوعب مولاي هشام أن يختار المغرب طريقته في الحكم، ولم يستوعب أن الديمقراطية ليست درسا واحدا يلقن لكل البلدان بقدر ما هي إبداع تاريخي، فالمغرب اختار طريقا وهي غير معبدة طبعا، يصنع الديمقراطية على ضوء الحق التاريخي الديني الذي تمثله إمارة المؤمنين التي ليست سوى المرجعية المؤطرة للتأويل العصري للنص المقدس، ونسي مولاي هشام أن حربا ضروسا كان يمكن أن تندلع بين طرفي الشعب حول مدونة الأسرة وأنجانا الله من الفتنة بفضل وجود هذه السلطة التأويلية. أين هي التوقعات الاستراتيجية فيما كتبه مولاي هشام؟ وقد أبان منذ زمان عن عجزه عن أن يكون مفكرا استراتيجيا بعد أن أفلست كل توقعاته. فالاستراتيجي يمكن أن يخطئ مرة أو مرتين ولكن لا يمكن أن يخطئ دائما.