أخرجت رسالة محمد الفيزازي العدل والإحسان عن صمتها، فبادرت ـ كعادتها ـ إلى خلط الأوراق، باتهامها جهات، لم تفصح عنها، بدفع الجماعة إلى العنف لجر البلاد إلى الفتنة والانفجار، ناسية أو متناسية أن من يجر البلاد إلى الفتنة، هو من يدعو إلى "غسل الشوارع بالدماء" وإقامة صلاة التراويح بالشوارع، والتظاهر بعد نهاية الصلاة، وهو منْ يحلم بـ "القومة" أو يطمح إلى "الجمهورية" ويُقاطع الانتخابات، والمنتجات، ويستعين بالأجنبي ( أو الكافر كما في أدبياتها) ضد المسلم.
ولم تقبل الجماعة من تلك الرسالة، التي وجهها لها الفيزازي، التي يمكن تلخيص مضمونها بما جاء في الآية الكريمة "يا أيها الذين أمنوا تعالوا إلى كلمة بيننا وبينكم سواء" إلا دعوته للحوار، لكن وقف أهواء الشيخ عبد السلام ياسين ومريديه.
وما أقلق الجماعة هو أن الفيزازي وضع أصبعه على "الجرح" حد الإيلام، لذلك سارع الناطق الرسمي باسم العدل والإحسان إلى الصراخ، ونفي تهمتي العنف والتحريض على الفتنة.
قد يقول قائل إن الفيزازي كتب رسالته تحت تأثير "الفرحة" من الاستفادة من العفو أو بفضل المراجعات الفكرية التي قام بها داخل السجن أو بإملاء من ضميره وهو يرى ما يحدث في العالم العربي أو لقناعته التامة بأن الدستور الجديد يستحق بالفعل أن تُعطاه فرصة التنفيذ... وقد تتهمه العدل والإحسان بأنه باع "الماتش"، لكن ماذا يمكن للجماعة أن تقول في التقرير الصادر عن تنسيقية 20 فبراير بفاس الاثنين والتي أعلنت عن فك الارتباط مع العدل والإحسان، والذي جاء فيه أن مجموعة من شباب جماعة العدل والإحسان " كانوا يحضرون بأجندات مطبوخة مسبقا ويحاولون تمريرها بالعنف اللفظي والجسدي إن اقتضى الأمر"؟ وماذا يمكنها أن تقول في الاعتداءات التي مارسها أعضاؤها على شباب 20 فبراير بالبيضاء والتي وصلت حد الكسر؟ وماذا يمكنها أن تقول في الاعتداء على والي أمن الدارالبيضاء؟
ثم لماذا تصر الجماعة على رفض تأسيس حزب سياسي، وهل كل الأحزاب هي بالفعل "منح" من النظام يتكرم بها متى يشاء؟ هل تقدمت العدل والإحسان بطلب التأسيس، وفق الشكليات المنصوص عليها في قانون الأحزاب وتم رفض طلبها أم أنها تخشى العمل في الشفافية والوضوح، وترفض الدخول إلى البرلمان لأن برنامجها النضالي يقوم على "القومة" وإحياء دولة الخلفاء؟ ...
إنه التغيير الذي تنشده العدل الإحسان، لذلك فإنها ترفض كل الدعوات ما عدا استثمار ما سماه فتح الله أرسلان "اللحظة التاريخية" التي انسدت فيها عيونها على الحقيقة، وأصبحوا ـ مثل شيخهم ـ لا يرون إلا شرارات الانفجار.