|
|
|
|
|
أضيف في 11 أبريل 2013 الساعة 25 : 15
بقلم بنمسعود يحيى.
الإغراء هائل يا سيدي وإطلالتك اللغوية الجديدة تحبل بتوابل لاهبة تحرض على التفاعل مع ما حملته. أعترف أني لم أحاور أميرا من قبل وبأني لا أعرف كيف سأتوجه إليك. اختلطت فيك الصفات يا سيدي إلى درجة أني أجد نفسي مضطرا إلى وضع أقراص لتهدئة صداع الرأس بجانبي، أتحالف معها عساني أحدد على وجه الدقة على أي وتر تلعب. فهل سيكون نقاشي معك بصفتك الأميرية على تعدد ألوانها كالطيف، أم كرجل أعمال يقيس أرقام الربح والخسارة بدقة متناهية، أم كمنتج سينمائي يصنع الفرجة، أم كمثقف (وإن أصبحت أحذر كثيرا من هذه الصفة الزئبقية) أم كمنظر يرصد الحال ويستشرف المآل، أم كقارئ فنجان يبيع الوهم؟ "أوريكا" ... كثرة هذه القبعات المتنافرة والمتناقضة جعلتني أهتدي إلى تخريجة هي الأسهل بنظري. لماذا لا أخاطبك كإبن الشعب! سأطلب منك، إذن، أن تتخلى ولو للحظة عن صفتك الأميرية و "سبع صنايع" الأخرى التي تتمتع بها وأن تسمح لي بمناداتك "بباهشام الكاموني مول الكارطة" على سبيل البسط وإن كانت بهارتي لاذعة شيئا ما. فالمغاربة أصحاب نكتة و "قشابتهم واسعة" كما لا يخفى عليك. كما سأحاورك بالدارجة أحيانا نزولا عند الرغبة التي عبرت عنها في حلمك اليقظ، كي نشبه أنفسنا أكثر "ونقبلها كما هي" حسب القول الفلسفي الذي أدرجت في تصورك للمغرب في 2018. أولا، أتساءل عن دلالة موعد 8 فبراير 2018! علاش 8 وماشي 20 باش تجيبها تمام حسب لغة "الضامة". أعرف أنك أكثر دقة من "نوستراداموس" وعبد السلام ياسين "مول الطوفان في 2006" وأنك لا ترمي بالنرد صدفة. فللأرقام معاني كما للأحلام وأنت سيد العارفين. فحين تقول أنك تتخيل الشرطي في المطار يسألك عن الغرض من زيارتك، فهل هي الحبكة التي خانتك حتى انتحلت هوية الأجنبي أم أنه إحساس عميق لديك بأنك لا تنتمي لهذا البلد؟ أعتذر لهذا السؤال الساذج لأني أخمن أنك لا ترمي الكلام على عواهنه وأن تعبيرك يحمل في طياته بعدا لا يقوى شخص بسيط من طينتي على استجلاء دلالته دون استعانة بعالم في السيميائيات أو في علم النفس، خاصة حين تتصور كل صحافة البلد تشيع خبر زيارتك كما لو كانت تبشر بالغيث بعد الجفاف. وهذه "المدينة الخضراء بأم عزة" فهل هي تنبؤات أم وصلة إعلانية لمشروع لم يتم كان سيدخل المغرب في عهد الفضاء؟ يحضرني في هذا السياق المثل الشعبي القائل "باش كان عايش بلارج قبل ما يجي الجراد" وتذكرني حكمته بنباهة القدماء التي تستهجن "الجميل" ولا ترتاح لكل من يطبل لنفسه ولو في الأحلام. على كل، فرجوعك الافتراضي هذا يذكرني بإبراهيموفيتش وبيكام ودخولهما لملعب "حديقة الأمراء" (PARC DES PRINCES)، كفقاعة من فقاعات البترودولار القطري، أما "الصح راه بعيد". بعد رصد أجواء عودتك، تتحدث عن فشل جماعي مزعوم في تحقيق اختراق ديمقراطي وحقيقي محاولا في نفس الوقت الظهور في صورة المصلح الذي يصارع طواحين الهواء. لكن الفشل يا أخي في الله هو فشلك. رحم الله الفقيه البصري الذي قضى زهرة حياته خارج الوطن ليحاول العودة كبطل في يوم من أيام يونيو 1995، حينها رد عليه محمد اليازغي بشكل جميل على صفحات "ليبراسيون" قائلا : "النضال الديمقراطي يكون في ومن المغرب لا أن يأتي شخص ليقطف ما زرعه المناضلون الأحرار". ثم تتحدث عن الجمعية التأسيسية! ونعم الجمعية أسي با هشام. "كان عليك تزيد شوميشة وفاضل العراقي مول الشكلاط وعبد اللطيف حسني مول الكابة باش تكمل الباهية". على هذا الأساس، سنصبح أمام مذكرة رفاقية تتلى خلال حلقة نقاش بالفضاءات الجامعية. الله أودي! كنت أخالك أكثر موضوعية في الانتقاء ولم أتخيل أن الشعب في نظرك يختزل في أسماء معينة والطامة الكبرى أن أغلب من رشحتهم في حلمك لا يستطيعون أن يجمعوا من الخلق ما يملأ ملعبا متوسط الحجم لكرة القدم هذا "إلى ما تراو عليهم بالحجر". وفي هذا الصدد، لست أرجم بالغيب "أبا هشام مول السوطة"، فما وصلت إليه الحركة الفبرايرية دال على أكثر من صعيد. ثم تقفز في مقالك بشكل مباغث إلى المدينة الفاضلة، أو الجديدة حسب تعبيركم، حيث يحلو العيش وتتصالح الحاضرة مع البيئة والواقع مع الحلم. أعترف بأن التصميم البديع لهذه المدينة كما ترسمها في منامك يدفعني دفعا لتخيل نفسي أجمع أمتعتي وأهاجر إليها ضمن جموع الهاربين من التلوث والتخلف كي ينعموا أخيرا بالحياة التي ستهبها للجميع. لكن القفز والجمباز في مجالات التعبير ترهقني أسي با هشام. لذلك أستعين مرة أخرى بقرص "أسبرو" كي أستوعب كيف أنك تدخل المشاريع في السياسة والسياسة في المشاريع. بالدارجة "واش كنتي غدي تعطي الشقق والمرافق التجارية فابور ولا بحال الضحى ... الدقة على النيف". أما ادعاؤك بأن مجموعة الضحى قامت بقرصنة فكرة "مدينتك" بمسارعتها إلى تنفيذ مشروع بناء 40 ألف وحدة سكنية جديدة بنفس المنطقة ومدينة تضم 30 ألف نسمة، فهذا كلام كبير "أبا هشام" وخصو شوية ديال التدقيق. كما أن الزج بالملك في هذه الأمور، تارة بشكل مباشر عنيف وتارة تلميحا ومواراة، لا يليق بشخص يفترض فيه أنه تشبع حتى النخاع بأصول الكياسة وآداب الكلام كي لا يكيل بلا مكيال ويجنب نفسه الوقوع في الهتر. لا بد لي أيضا أن أبوح لك بأني انغمست في الحلم وأنا أجاريك في خيالك. فأعضاء المجلس البلدي لأم عزة مستوردون من عالم المثل وإنجاز المشاريع انعتق من البيروقراطية كما أن فرض الدارجة كلغة للتدريس سيمكن الأطفال المغاربة وبقدرة قادر من تملك اللغات. والمعلمون يعملون وفق نظام تعاقدي هاجسه الأوحد الرقي بمستوى الناشئة وإلا فللآباء حق إقالتهم، وكلامك عن الطاقات البديلة والمراكز المندمجة...إلخ، إلخ. وحسب قولك، سيبقى بعض من العاطلين والمنحرفين والتعساء، طبعا كجزء من الديكور كي لا يحس المرء بالضجر على رأي محمود درويش في إحدى قصائده. ياه، جميلة هي الأحلام، لكن الحياة البسيطة التي أتمرغ فيها كل يوم كغيري من أبناء الشعب، علمتني أن تبسيط الأشياء بهذا الشكل يبعث على الضحك والبكاء معا. "الله يذكرك بالخير أبا الراضي (أحد أصدقائي الذين لا تعرفهم "أبا هشام") حين قلت لي ذات يوم بأنك تعدد رؤوس الأغنام كل ليلة حين يستبد بك الأرق وبأنك تحصي العشرات منها كل ليلة وأنت ممدد في سريرك un mouton, deux moutons, trois moutons, etc لكنك في الصباح لا تجد رابعة ديال اللحم تمكن أطفالك من وجبة غذاء متوازنة". أعذرني "أبا هشام" إن صارحتك بأنك قد أثرت ضحكي بحديثك عن "ثورة الكمون". فهذه قفشة تحيلني على أزقة السويقة وأكياس التوابل المختلفة الألوان وصراخ الباعة المتجولين، فأسأل نفسي عن أي سلعة تروج لها بمناسبة كلامك عن "ثورة الكمون" هذه ومن هو هذا الزبون المغربي الذي سيقبل على بضاعتك وهو يسمعك تقول عنه أنه "كموني" لا يعطي الرائحة إلا إذا "تطحن وتفرك". "إيوا آش غادي نقول ليك" الحمد لله أن التوجه الذي اختاره المغرب من قمته إلى قاعدته وضع حدا للقهر والطحن والقطع مع زمن مضى، والحمد لله أن مقالك الذي حاول الترويج للحلم أفصح عن كابوس تتوعد المغاربة فيه بالفرك، ففي نظري لقد كان حريا بك "أبا هشام" أن تصف تلك الثورة بثورة الصابون البلدي فهي أقرب وصفا للمقلب الذي ينتظر المغاربة إن هم ركنوا لأوهامك وترهاتك. الرجوع لله. رغم كل ذلك، أكمل القراءة كي لا أقف عند "ويل للمصلين". فها أنت تهين الإحساس الوطني لبني جلدتك ناعتا الصحراء بالغربية وتدعي بأن الأمة باعت روحها للملكية مقابل الحفاظ على الوحدة الترابية. "الولاء والطاعة مقابل الأرض" إن صح التعبير. "إيوا ما بقى للعدو ما يقول أبا هشام". لاحظ معي أني مازلت أحافظ على كياستي وأنا أجترع المهانة التي تطفح بها سطورك، أذكرك فقط بأنك ترتكب جرما في حق شعورنا الجماعي "أبا هشام"، وأكتفي بالحولقة. فعليك أيها المثقف الذي لا يشق له غبار أن تتعض بحكمة ترسياس حين قال لأوديب "إياك أن تفجع الشعب في عقيدته" والصحراء شيء مقدس بالنسبة للمغاربة "أبا هشام". وتتمادى "أمول السوطة" في حلمك الذي أصبح، وبلا مبالغة، أشبه بالهلوسة من كثرة تناقضاته ونقاط الاستفهام فيه، فتمدح "الخيار الثوري" لإبن بركة، فتعزله عن سياقه الفكري والزمني لتسقطه على المستقبل مع غير قليل من الحنين لتحققه. أتساءل عن طبيعة هذه اللوثة التي جعلتك تعطي للمصطلحات غير معانيها، فالثورة في المغرب لا تشبه نظيراتها في سوريا وليبيا ومصر. فلا دمار يتهدد البلد ولا دم سيراق في الشوارع، كما أن نسختك من الثورة ستبقي على وضعك الاعتباري الذي يمكن لسانك من حركاته البهلوانية في التعبير كما تفعل الآن دون وجل. "وااااا الرجوع لله أبا هشام". وبالمقابل تنتفض على نعتك بالأمير الأحمر الذي مسخ فأصبح أخضرا وقد يصير أزرقا. الخطأ في نظرك يتحمله الآخرون دائما "أبا هشام"، "كلشي عالله" كما قالها صديقك العزيز بزيز في إحدى سكيتشاته. فنعت الأمير الأحمر ألصق بك "عالله". ووصفك بالأخضر كان عالله وحتما ما سيقال عنك مستقبلا، إيجابا وسلبا، كلشي غادي يكون عالله. فالدخان في حالتك لا ينبعث من نار. فسبحان الله العلي العظيم، له في خلقه شؤون. فكفاك، عافاك الله، من إتباع وجهة الرياح المتقلبة. فذلك أكبر خطأ يجعل المرء مرغ مصداقيته في الوحل، وأعلم أنك لا تختلف عن تلك النخبة التي تتشدق بلفظة الشعب وهي تطل عليه من أبراجها العاجية، أما محاباتك وتملقك "الفكري" للإسلاميين واليساريين وغيرهم فهي من ثوابت الذاكرة القريبة التي لن ينساها التاريخ لا في 2013 ولا في 2018. بإمكانك "أبا هشام مول السوطة" أن تطلق العنان لخيالك كما تشاء و"تتبورد" علينا بالكلام الكبير الذي تلمع به صورة المثقف العزيزة عليك، لكنك بهذا التمرين لن تلبث عن إظهار تناقضاتك. خلاصة القول "أبا هشام" أنك جعلتني أكتشف أن المغرب، بلد الأولياء، أصبح بلد المتنبئين. فبعد أن ظننت بأن رحيل الشيخ ياسين لدار البقاء سيقطع مع عهد الرؤى والهرطقات، ها أنا ذا أجدك تملأ الفراغ وتلبس زي الحكواتي مضيفا قبعة أخرى لقبعاتك وحكاية أخرى لحكاياتك التي لن تمر عليها العجائز مرور الكرام. فبشرى للأطفال الذين ستمتعهم جداتهم بالعالم الوردي لهذه القصة قبل خلودهم إلى النوم، أما أنا فقد أرهقتني "أبا هشام" "آش بغيتي عندي". سأغلق القوس لتتمكن من استرجاع صفتك الأميرية وحياتك الجد طبيعية في أمريكا الحبيبة.
|
|
2762 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|