لعل المهتم بقضية القيادي في حزب العدالة والتنمية عبدالعالي حامي الدين، المتهم بالتورط في اغتيال الطالب محمد أيت الجيد الملقب ب " بنعيسي"، سيقف بل وقف فعلا على أغرب حالة نصب واحتيال يقوم بها رجل يدعي أنه "باحث" وعلى أشخاص انطلت عليهم الحيلة "الأكاديمية"، فوقعوا له على ما يشبه شيكا على بياض لم يتردد صاحبنا في نشره على العموم لإظهار "حنة يده" ،على اعتبار أن هذا التوقيع ،الذي بحث عنه حامي الدين ب"الريق الناشف" ،كان بمثابة صك براءة، غير أنه لم يكن يدور بخلده أن الأمر سينفضح بعد حين ،وسيرتد السحرعلى الساحر.
مشكل حامي الدين أنه يعرف أن حبل الكذب قصير، ومع ذلك أصر على أن يتشبث بهذا الحبل القصير الذي لا محالة سيتركه يسقط عندما يتجاوز حده. وهو ما حدث، فبدأت تصريحات نفي التضامن معه تصدر من مختلف الأشخاص وهيئات المجتمع المدني الذين احتمى بهم باستغلال أسمائهم شر استغلال، ناسيا أنه يمكن الكذب على مجموعة من الناس، ولكن من المستحيل الكذب على الجميع.
الآن، وبعد ظهور هذه الكذبة الغليظة، ماذا بوسع حامي الدين أن يقول و بماذا سيبرر موقفه؟
لا شك أنه في موقف لا يحسد عليه، وأن الرجل يعاني الأمرين. فمن جهة خسر معارف وصداقات أسماء وازنة وشخصيات لها حضورها ومصداقيتها، ومن جهة ثانية ستكون الخدعة "الأكاديمية" درسا مفيدا لجميع المثقفين والإعلاميين والسياسيين والحقوقيين وغيرهم بعدم الانسياق وراء التعاطف الأعمى والتعبير عن التضامن فقط من أجل تسجيل الحضور على الساحة. وكم من حملات تضامن وتوقيعات تمت في هذا الوطن بحق يراد به باطل. وكم من قضايا تم النفخ فيها فقط لأن أصحابها كانوا يحتمون بمظلات حزبية أو نقابية أو جمعوية أو إعلامية أو إدارية لتبرير وتمرير ما يريدون من أجل تصفية حساب أو البحث عن زعامة أو ترقية ،غالبا ما تكون بدون وجه حق وعلى حساب أشخاص آخرين لا يتمتعون بأية حماية ولا يعتمدون على أية مظلة.
إنها فرصة جيدة لكل من يريد أن يستغفل الناس أو يستبلدهم لكي يراجع النفس الأمارة بالسوء. ولعل ما اقترفه حامي الدين هو السوء بعينه. وفي ذلك، فليراجع حزب حامي الدين حساباته التي يبدو أنها أصفار مضروبة في أصفار. وما على المهووسين بالحساب إلا أن يقوموا بعملية جمع ليعرفوا الحاصل.
أمر غريب حقا أن نقف اليوم أمام حالة جديدة من النصب والاحتيال بطريقة "أكاديمية".وفي ذلك ،فليتنافس "الأكاديميون."
حمادي التازي.