الجواب على مثل هذا السؤال يقودنا مباشرة إلى القول إن هناك أجندة محددة ومعدة سلفا لمعاكسة كل ما يقوم به المغرب، وعلى الخصوص في الأيام الأخيرة حيث تزامنت هذه الضجة مع زيارة المبعوث الأممي ،كريستوفر روس، للمنطقة ،خاصة في محطة الجزائر التي أدلى فيها بتصريح(ربط فيه بين الوضع في الساحل والصحراء) أغضب الحاكمين. والمثير للانتباه أنه مباشرة بعد هذا التصريح، طلع، بسرعة، خبر يقول بأن هناك محاولات لإقناع الرئيس بوتفليقة بالترشح لولاية رئاسية أخرى ... هكذا هي الديمقراطية .
ثانيا ، يجهل الحكام الجزائريون كل شيء عن المغرب ، وبالذات ما يتعلق بتطوره الديمقراطي. فالمملكة تمسي وتصبح على نقاش واسع يشمل كل القضايا بدون استثناء، و تمارس في كل لحظة تمارين ديمقراطية، وتعيش كل يوم على إيقاع التظاهرات والاحتجاجات شأنها في ذلك شأن أي بلد ديمقراطي يمارس ديمقراطيته في إطار القوانين والأنظمة الجاري بها العمل. وما الخبر الذي زعم أن لجنة ضيقة كانت توجه اللجنة المكلفة بإعداد الدستور إلا نتفة من النتف، لو أنه كان صحيحا بالفعل ولا تحكمه خلفية (ما)، وسط القضايا الكبرى المطروحة للنقاش على مدار الساعة ،بل إن اندفاع الموقع الالكتروني " الجزائر تايمز" الذي انبرى للدفاع عن المقال وصاحبه ، ونعث منتقديه ب"الأقلام المأجورة " ،يفضح في الحقيقة وجهي العملة: خلفيات الخبر في هذا الوقت بالذات، والأزمة الديمقراطية الخانقة التي تعيشها الجزائر، ومن بين تجلياتها القمع الممنهج المسلط على أبناء الجنوب الجزائري الذين يخرجون كل يوم للتعبير عن سخطهم للتهميش و"الحكرة" والتمييز والفقر والبؤس.. وكذا الحصار المضروب على كل تحرك أو نشاط يطالب بالحكم الذاتي في الجزائر.. مما يبين بوضوح أنه لا مجال للمقارنة بين ما تحقق ويتحقق في المغرب وبين ما تعانيه الجمهورية في الجزائر " الديمقراطية الشعبية... " التي يحكمها جنرالات بقبضة من حديد تذكر بالأيام الخوالي لأنظمة الحرب الباردة. ولسنا نحن الذين نقول هذا ، بل تقارير المنظمات والهيئات الحقوقية والسياسية والإعلامية الدولية .
هذا هو الإشكال الحقيقي الذي يغمض الموقع الالكتروني "الجزائر تايمز" عينه عليه ويسقطه على النظام السياسي في المغرب المنفتح على التغيير وليس على العبث ، ويفسح المجال للتعبير الحر وليس للفوضى ، ويطلق الحريات وليس المفرقعات .
ثالثا، كان اختيار صدور المقال المذكور محددا في الفترة التي تتزامن وزيارة الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، للمغرب ، وهو صدور يروم التشويش على الزيارة . وهذا ما لا يستطيع المواطن العادي أو حتى صاحب المقال أن يغفله، فبالأحرى إذا كان الأمر يتعلق بمحلل أو خبير أو متابع للشأن المغربي والمغاربي، علما أن الزيارة ليست زيارة عادية أو زيارة مجاملة ، بل هي زيارة دولة لرئيس دولة كبيرة تربطها والمغرب علاقات إنسانية وحضارية وثقافية وسياسية واقتصادية نموذجية ،وتوجت بالتوقيع على اتفاقيات شراكة في مختلف المجالات والقطاعات . هذه الزيارة لم يرتح لها قصرالمرادية بالمرة ، ومن علامات حنقه دفع كراكيزه الانفصاليين القابعين في تندوف بشن حملة عشواء على فرنسا وهولاند ، فقط لموقف باريس الإيجابي من قضية الصحراء . ونعرف مسبقا أن هناك حملات أخرى معادية للمغرب وفرنسا على حد سواء سيتم الإفراج عنها، هنا أو هناك، في الوقت المناسب. وما الصبح ببعيد.
من الأقوال الحكيمة : الجمل لا يرى حدبته بل حدبة الآخر.