عزيز الدادسي
حاول عبد الله الشيباني، القيادي في جماعة العدل والإحسان وصهر مؤسس الجماعة عبد السلام ياسين، أن يعطي درسا في التأصيل التاريخي لنظام الحكم في المغرب، لكن بدا تافها يجهل التاريخ ويجهل الواقع، ولا يفيد في علم التاريخ الكذب لأن للتاريخ أدوات للتحقيق والتحقيق، ولا يمكن تزوير وقائع التاريخ بالقدر الذي يتوفر فيه قارئ التاريخ على حق التأويل.
فقد تحدث الشيباني، في مقال بعنوان " الشيباني يكتب: الماكينة المخزنية وألاعيبها" والتي قال فيها " عمرها في تاريخنا 14 قرنا، وضع تصميمها وبناها الصحابي الملك معاوية بن أبي سفيان، منذ أن استولى على الحكم وورّثه بالسيف ولي عهده يزيد، ثم توارثه ولاة العهد الأمويون (ما عدا سيدنا الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه)، وولاة العهد العباسيون والفاطميون والممالك، وكل الدول المستبدة التي حكمت بلاد المسلمين.
استعملوا الماكينة وطوروها وصانوها ودوّن علماؤهم تصاميمها، وأصلوا لها ودعوا لها"، (تحدث) عن معاوية بن أبي سفيان الذي لا يمل هو وجماعته من الترضي عليه، بخلاف أهل المغرب على أنه هو من أسس للملك الوراثي، وكأن المشكل في الوراثة وليس في المضمون، فهل جاء الخليفة عمر بن الخطاب عن طريق البيعة، دون أن نتحدث عن الانتخاب لأنه أداة متأخرة عن هذا الزمن؟ فالخليفة الثاني، جاء عن طريق وصية أملاها الخليفة الأول أبو بكر الصديق وكتبها عثمان بن عفان.
ومن أكذوبات المؤرخ التافه، أن قال إن الحكم توارته بنو أمية باستثناء الخليفة عمر بن عبد العزيز" الله يلعن اللي ما عندو علاش يحشم". قد يكون عمر بن عبد العزيز مختلفا عن الآخرين لكنه رجل دولة أموي، فقد تولى مناصب عليا منها واليا على مصر وعلى المدينة، لم يقل لنا المؤرخ التافه الطريقة التي جاء بها عمر بن عبد العزيز إلى الحكم؟ هل تم انتخابه؟، لقد كان وليا لعهد سليمان بن عبد الملك ولما توفي هذا الأخير أصبح خليفة.
الشيباني دائما يريد أن يظهر بمظهر الفاهم أكثر من غيره، وكم كان بئيسا مشهده عندما جاء ذات يوم إلى كلية الحقوق ليتحدث عن النظام الديمقراطي، وتبين للطلبة أن يحفظ مستنسخات نفسها يدرسها الطلبة "شبعوا عليه ضحك"
وبعد أن تبين أن الشيباني يجهل التاريخ ويكذب على التاريخ من أجل تبرير أطروحات مهزوزة، ظهر أنه يجهل الواقع والحاضر أيضا، لما يريد أن يقرأ التاريخ بأثر رجعي ولا يميز بين أصل الدولة وتطوراتها التاريخية، لكن "آش عند لحمار ما يعرف فسكين جبير"، فالمؤرخ التافه لا يميز بين الماكينة التي تخرج "قوالب السكر"، كما هو حال جماعة العدل والإحسان وبين مسالك إنتاج النخب التي تسير الدولة وهي مسالك معقدة، غير أن الدولة كما يريدونها، يمكن أن يسيرها أدنى أخ على حد تعبير الأمين العام للجماعة.
غير أن الشيباني الذي يتحدث عن نمط الحكم ويبغيها عوجا، حيث يريد أن يتحدث عن نمط الحكم وعن الاختيار، ولا نعرف كيف نزل الوحي على الجماعة حتى تحولت من جماعة تنادي بالخلافة، التي فيها الخليفة هو الآمر الناهي، إلى جماعة تدعو إلى الدولة المدنية، ناسية أن عبد السلام ياسين في الطبعة الأولى من المنهاج النبوي، إنجيل الجماعة، حرم التعددية الحزبية، ولما انتبه في الطبعة الثانية قال "نقبلها ونتركها تموت موتتها الطبيعية".
جماعة لا تؤمن بالديمقراطية وطردت شبابها الذين عبروا عن آراء صغيرة مختلفة عن رأي القطيع، لا يمكن أن تعطي دروسا في نمط تشكل الدول والأنظمة...