تقول نكتة مغربية أن فنانا كان يتجول بشارع محمد الخامس بالرباط ، ولما انتبه إلى أن أحدا من المارة لم يعره اهتماما، وقف وصاح بصوت عال وهو يردد اسمه، ثم التفت وقال ها أنا من يناديني !؟
تنطبق هذه النكتة على "الباحث" "الأكاديمي" و"المناضل السياسي" و"القيادي" في حزب العدالة والتنمية، عبد العالي حامي الدين الذي خرج على القوم ببيان بدون تبيين.
لم يتردد الرجل في الخروج، متأبطا بيانه، يبحث عمن يتضامن معه في محنته عبر طلب توقيعات من هنا وهناك قد يحتاجها لكل غاية مفيدة في يوم أو شهر أو سنة أو حتى قرن. وبالفعل نجح في سعيه الذي مكنه من جمع توقيعات صحفيين وباحثين وفاعلين سياسيين وحقوقيين وجمعويين مهروا بتوقيعهم بيان "لا ياتيه الباطل" ، كما تعمد أن يضفي على بيانه صبغة فسيفسائية أو قل تعددية تجمع من كل مجال طرف، وكأن حامي الدين يريد أن يظهر لمن يعتبرهم خصومه- وربما أعداؤه – أنه يحظى بثقة ودعم فعاليات متعددة المشارب والمذاهب والآفاق في المجتمع المغربي.
نكاد نجزم أن عددا لا يستهان به من الأسماء الواردة في بيان حامي الدين، إنما وقعوا من باب "الحشمة" أو " قاموا بالصواب" لا أقل ولا أكثر.
ولا أعرف ما إذا كان جميع الموقعين قرأوا ،بترو، البيان كله، أم جزءا منه، أم بعضا منه، أم لم يقرءوه بالمرة، خاصة أن فقرة منه تقول " إن ما يتعرض له عبد العالي حامي الدين من هجوم تشهيري شرس هو في الحقيقة محاولة لإخراسه من طرف من ضايقتهم آراؤه التي عبر عنها كباحث أكاديمي ومناضل سياسي بخصوص ضرورة احترام الدولة لمقتضيات الدستور الجديد ومواكبته النقدية للأحداث السياسية بالإضافة إلى معارضته لعودة التحكم في الحياة السياسية. " ولبعض الموقعين حرية التعليق.
ولا شك أنهم جميعا يعرفون جيدا أن أصل المشكل يكمن في مطالبة أسرة محمد أيت الجيد بإعادة محاكمة المتورطين في قتل ابنها، وتتهم حامي الدين بالتورط في هذه الجريمة.
الأكيد أن من الموقعين من لم يطلع على مضمون البيان، الذي قام المعني بالأمر بإعداده بنفسه، ومنهم من اكتشف أن اسمه مدون في عريضة لم يتطلع عليها ولم يوقعها، ومنهم من يستعد إلى التبرؤ من هذا البيان بعد أن اكتشف أنه كان ضحية خداع ونصب واحتيال.
بقي هناك سؤال مهم : إذا كان البيان قد حصل على ما حصل عليه من توقيعات (حوالي 40 توقيعا لا أقل ولا أكثر)، فمن المنطقي أن أشخاصا لم يوقعوا، وآخرين رفضوا بكل بساطة التوقيع، ومنهم من قد يكون اعتذر، ومنهم من تعلل بمهمة أو سفر أو مرض أو حاجة من حوائج الدنيا .. وهي حاجات لا يعرفها إلا حامي الدين.