ظل المغاربة، منذ إشراق نور الإسلام على بلادهم، متشبثين بعقيدته السمحة، يجاهدون في سبيلها ويذودون عن حياضها، في وحدة فريدة بين الحاكمين والمحكومين، وقد مرّت بالمغرب عبر التاريخ ظروف عصيبة من فتن واضطرابات واحتلال وصراعات بقي فيها حصن العقيدة ملاذهم الذي يحميهم من الاندثار أو الذوبان في عقائد الغير الدخيلة أو المقتحمة لوجودهم الاجتماعي، ومهما تعدّدت المذاهب وتضاربت، وهجمت الإيديولوجيات وتكالبت، فإنّ الإنسان المغربي المسلم لا يبتغي بدينه بديلاً، ولا يرى في العالم ما يصل إلى شيء قليلٍ من صحته ومصداقيته وبرهانيته وسماحته وإنسانيته وواقعيته وشموله وانفتاحه وصلاحه ويُسرِه وقيمه العليا.
وعندما كانت تطل من هنا أو هناك رؤوس الفتن التي يشعلها المتربّصون بوحدة الأمّة واستقرارها وأمنها الرّوحي، كان المغاربة ينكرونها ويهبّ العلماء إلى مواجهتها والتصدّي لأباطيلها.
وكان الاستعمار الحديث وما صاحبه وتلاه من زحف الإيديولوجيات الفاسدة البائدة من آخر ما واجهه المغاربة وفي صدارتهم العلماء الأجلاّء من تحدّيات.
وإذا كان بعض المارقين يحاولون اليوم التشويش على الأمن العقدي والروحي للمغاربة بتصريحاتهم المنافية لمبادئ الإسلام، والتي بلغت درجة الإعلان عن المروق منه، فإنّهم لا يزيدون الإنسان المغربي المسلم إلاّ ترسيخاً لتشبثه بدينه، وهاهي ذي المساجد ولله الحمد تزداد امتلاءً بالشباب ويزداد الإقبال على كتاب الله حفظا وتدبُّراً وعملاً.
إنّ هؤلاء المارقين الذين خاب سعيهم بالأمس يحاولون اليوم محاولتهم اليائسة إذ يقفون في صفّ المناوئين لعقيدة المسلمين سواء كانوا من المنصّرين أو من المتنصّلين من جلدِهم المنسلخين من هويتهم التي لن يجدوا أفضل منها ولو طافوا الدنيا طولاً وعرضاً.
إنّ التاريخ خير مُعلّم في التجربة الإنسانية بدروسه وأحداثه التي كثيرا ما تتشابه. لقد عاش هذا البلد الأمين قروناً طويلة مستقرّاً سعيداً بدينه، وكم تكسرت على صخرة صلابته ومناعته الأمواج العاتية.
ويوم يفرّق هؤلاء المارقون بين الزيف والحقيقة، بين الحرية الحق والحرّية الزّائفة، سيعرفون حدودهم، وقد يؤوبون إلى رشدهم.
نسأل الله لهم الهداية.
عن العلم