سنأخذ على محمل الجد ونصدق التهديدات بالقتل التي توصل بها شيوخ السلفية الثلاث محمد رفيقي ومحمد الحدوشي وحسن الكتاني. ونسلم جدلا بأنها صادرة عن ناشط “أمازيغي” متطرف، وسنقول إنه فعل مرفوض بالمطلق مهما كان حجم تهجمات السلفيين على الحركة الأمازيغية. وهو سلوك إرهابي ندينه بكل القوة الممكنة لأنه، وفضلا عن اعتدائه الصارخ على الحق في الحياة، يجرنا إلى فتنة طائفية وحرب إيديولوجية، لا نبتغيها لهذا البلد الآمن.
وسنلاحظ بعد ذلك على الشيوخ الثلاث، وقد هبوا للتضامن مع بعضهم البعض، وعلى يومية “التجديد” وقد سارعت إلى تكييف التهديد على أنه فعل إرهابي، أنه لا يجوز الكيل بمكيالين حين يتعلق الأمر بهذا النوع من النوازل، فحين يكون المهدد في حياته من الضفة الفكرية الأخرى يتضامن الشيوخ ومعهم يومية “التجديد” مع صاحب التهديد وليس المستهدف منه. وحين يستهدف العنف الإيديولوجي التيار الحداثي يكون ذلك “جهادا” و«دعوة إلى الحق»، أما حين يستهدف إسلاميين متطرفين من طرف نشطاء غير إسلاميين أكثر تطرفا، فيصير “إرهابا”!!
وبعد كل هذا، ومع أن العنف والتهديد بالاغتيال لا يمكن تبريره في أي حال من الأحوال، إلا أنه من الضروري لفت الانتباه إلى أن التطرف ينتج بدوره تطرفا أشد، وفي كثير من الحالات تخرج تعاليق الإسلاميين بمختلف تلاوينهم من حدود النقاش مع التيار الأمازيغي إلى تكفيره وجعله “عميلا للصهيونية في الحرب على الإسلام والعروبة”!.
لقد قالها أحمد الريسوني بكل الوضوح الممكن في محاضرته بدولة قطر، وعلى شاكلته كتب محمد الحدوشي عن الأمازيغ بأنهم “أحفاد البرابرة” و”أبناء القردة والخنازير”، الذين “رضعوا لبنا فاسدا، فبه فسد عقلهم، وتلوث فهمهم، وانقلب فكرهم، آراؤهم مسمومة، أصيبوا بالإيدز الثقافي والإسهال الفكري والتسمم المعلوماتي، وأصيبوا بهزة فكرية ونكسة عقلية”. ويضيف الحدوشي “هؤلاء أصابتهم رائحة صهيونية مجوسية، فأخروا أنفسهم وقد قدمهم الله، غرس فيهم اليهود غرسا، لا يقلع إلا بخروج الدجال”، ثم يخبرنا الحدوشي أنه “ريفي ابن ريفي، لا يشرفني أن أنتمي إلى من يطعن في دين الله، وإلى من يهدد حراس دين الله في الأرض”.
إلى أن نسير بهذا البلد بمثل هذه القذائف المشبعة بالعنصرية والحقد والكراهية؟، إلى الهاوية بكل تأكيد، إلى أين نجر قواعد الاختلاف والنقاش؟ إلى التناحر والدم طبعا. إننا ندق ناقوس الخطر ونرفع أكبر رايات التحذير، فالتلاعب بنيران الدين والعرق لن ينتج غير الفتنة، و”الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها”.