قرأت لزميلي اسماعيل بلا وعلي، على صفحته الفايسبوكية، ملاحظة في غاية الدقة: “ما عمرني فهمت علاش جميع المناضلين اللي كيديرو ندوات فقاعة هيأة المحامين أو مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان دائما كيجيبو غير نفس المعارضين اللي كيقولو نفس الكلام. إما أن المناضلين المعارضين يحبون الاستماع لبعضهم البعض فقط ويعجبهم ذلك لتكرار نفس الندوات بنفس العناوين ونفس المضامين (مثلا موضوع توحيد اليسار). أو أنهم لا يرون في الدنيا أصواتا تتحدث في نفس المواضيع بلغة أخرى وآراء مختلفة”.
هكذا كتب الزميل، والملاحظة، كما وصفت قبْلا، في غاية الدقة، وهي تضع الأصبع على جزء كبير من مأساة هذه البلاد، فقد تعودنا على أن ننتقد اجترار الكلام نفسه من طرف “الموالين”، إلى درجة أنه في بعض الأحيان نخال الأمر تكرارا يضر أكثر مما ينفع، فحتى حين تكون الغاية نبيلة، والقصد شريفا، يتسبب الكلام المجتر في إفراغ النبيل من محتواه، والشريف من كنهه، فنصير أمام حالة بروباغاندا غبية… والغباء صفة لطيفة في بعض الحالات.
وكثيرا ما نضيف على النقطة السالفة أن نقول إن جزءا من أزمة البلد يتجلى في نخبها، فنشير، من باب تقديم النموذج، إلى الأحزاب السياسية، وإلى البرلمان، وإلى المؤسسات الحكومية، وإلى المجتمع المدني، ونضيف ونستفيض في وصف الداء… ونسرد الدروس في وجه ما نصفهم بـ”الموالين”، غير أننا نادرا ما نعكس الملاحظة على المعارضين، كأنما من شروط المعارضة أن تكون وحدك في الساحة، أو كأنما المعارض من السمن لا يصير “مشروعا” إلا إن كان “قديما”.
لست ممن يتفق مع عبد الحميد أمين، ولا مع عبد الله الحريف، ولا مع ندية ياسين، ولا مع بوبكر الجامعي، ولا مع علي أنوزلا، ولا مع خالد الجامعي… ولا مع غيرهم ممن يحسبون، في الإعلام، على صف المعارضة، إنما غريب ألا يستطيع الفكر المعارض أن ينتج غيرهم.
هل السبب أن أفكارهم لا تغري؟ ممكن.
هل السبب أن الإعلام يستبقيهم في المكان نفسه؟ ممكن.
هل السبب أنهم يعيشون من هذه الصفة؟ ممكن.
ذاك كله ممكن، والممكن أيضا أننا فاشلون في إنتاج النخب… الموالية والمعارضة على حد سواء.
ابحثوا عن الجديد… لأن سريسرة وحدها تكفي لإلغاء جميع الندوات!!