هل كان عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية ( الحاكم) ورئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، يتصور أن يجد نفسه عالقا في هذا المنعرج الخطير بعدما ارتفعت الأصوات التي تطالب بإعادة فتح التحقيق في مقتل محمد أيت الجيد، الذي استباحت "كتائب" الإسلامويين دمه؟
سؤال يطرحه "إخوانه" في الحزب أكثر مما يطرحه "القاعديون" الذي كان ينتمي إليهم الراحل محمد آيت الجيد، وأكثر مما يطرحه الحقوقيون والسياسيون والإعلاميون ،لأن القضية بقدر ما تطارد المتهم ( إلى أن تثبت براءته أو إدانته) حامي الدين بقدر ما تطارد حزبه ، وفي مقدمته رئيسه (رئيس الحكومة الحالية) عبد الإله بن كيران ،ووزيره في العدل مصطفى الرميد(هو أيضا قيادي في حزب العدالة والتنمية) وفي نفس الوقت رئيس النيابة العامة.
وحينما تتم المطالبة برأس حامي الدين، فذاك يعني ،بصيغة أو أخرى، رأس بن كيران، ورأس الرميد بصفتهما الحزبية والسياسية والحكومية.
بعد أن أصدرت عائلة آيت الجيد بيانها الأول والثاني والثالث، تتهم فيه حامي الدين بالضلوع في اغتيال ابنها ، من دون أن تلقى بياناتها أية استجابة من طرف الجهات المختصة، فإن رفاق آيت الجيد ذهبوا إلى حد اتهام رئيس الحكومة بتلكؤ في الكشف عن الحقيقة ، واتهام وزير العدل بعدم تحريك مسطرة المتابعة. أما محامو العائلة فطالبوا من وزارة العدل ألا تكون خصما وحكما في هذا الملف، بمعنى آخر ألا يتم الكيل بمكيالين ويبخسوا الناس حقوقهم. وفقهاء حزب العدالة والتنمية يدركون جيدا ثقل هذه التعبيرات.
إزاء هذا الوضع ،هل سيتصرف بن كيران بصفته رئيسا للحكومة أم بصفته قائدا للحزب ؟ ونفس الشيء بالنسبة للرميد؟ وكيف سيكون رد فعل الحزب برمته إزاء هذا المشكل الذي لا شك أنه سيطيح برؤوس أينعت وحان قطافها .
المعروف أن لدهاقنة السياسة "شياطين"أو "عفاريت" يخدمونهم في مثل هذه المواقف، ويوسوسون إليهم ما يجب عمله، ذلك أنه من الصعب جدا على حزب العدالة والتنمية أن يتخلى عن أحد"إخوانه" وأحد قادته في نفس الوقت . وما هذا الصمت الرهيب الذي لف الحزب فيه نفسه إلا من أجل الاهتداء إلى توليفة "التخريجة" المبحوث عنها. مع الإشارة إلى أن "العفاريت" المعنية هنا ليست تلك "العفاريت" التي تحدث عنها ،يوما، بن كيران.
لا شك أن حامي الدين يوجد في موقف لا يحسد عليه. فاسمه يوجد في المحاضر كما تقول عائلة آيت الجيد، وهو مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى رغم مرور كل هذه السنوات على الجريمة .
وسواء كان اغتيال آيت الجيد من طرف "الظلاميين" أو طرف "المتنورين" ، فالواجب والحق يقضيان إعمال القانون ببلد القانون والإنصاف ، في حق المتهمين المنحدرين من حزب "المصباح": حامي الدين ،وتوفيق كادي،وعبد الكبير أجيال، وعبد الواحد كرويل،والكبير قاسم الذين طالبتهم النيابة للتحقيق في جلسة يوم 29 أبريل 2013. وجميعهم في حالة سراح، رغم ثقل الجريمة، وهو ما ترى العائلة ودفاع الضحية أنه لا ينسجم مع إعمال منطق الإنصاف وإحقاق العدالة، لأن هذا القتل لم يكن خطأ بل مع سبق الإصرار والترصد.
حمادي التازي.