بقلم : مصطفى منيغ*
ليله سيكون طويل، ونهاره بما قد يحدث للقَِصِر مائل ، أما داره بينهما لن يكف بداخلها آنذاك العويل ، بسقوط من ظهر للكثيرين مستحيل ، متدرجا في دمائه قتيل . كأنه ما صال وما زاد عن الصهيل صهيل حال الطاغي مُسْتَبْدَل مهما عمر بكارثة تُرْوَى تفاصيلها على ضوء شمعة رأسه لها فتيل. هنا فجر عمارة هناك أرسل برميل، لتدمير الحي المقابل، ومن فوق الهضبة بالمدافع المهيكلة دق أعناق المئات فيهم الشيخ والحامل والطفل، وبتلك الطائرة المحطمة الآن أطلق السموم المحرمة لخنق البشر وحرق محيطهم أكان مقامهم في السهل أو على قمة جبل. عاش سفاحا وسينتهي بفاجعة ليس لها مثيل ، هندامه مُزِّقَ وما بقي استعمل لتنظيف قناة الماء الحار منديل ، ابتدأ بالنفاق عزيزا وسينتهي مع تبيان الحقائق مهانا ذليل .
... ليس سهلا تخريب دولة ، ولا حتى بيتا من بيوت الآمنين فيها ، على يد من كان رئيسها ، والأمَرُّ مَنْ أظهر الطيبوبة وسعة صدر ، لتجنب افتضاحه كنبع الخيانة والغدر، لكن الزمن رهين بترك الأصيل أصيل، والمزيف باطل، الأول في العمق جميل، والثاني سطحه مُمِل أما داخله قار أسود بالضغينة وكره الخير مشتعل.
... في الأردن وحدها سيصل خلال الأسابيع المقبلة ما تعدادهم نصف مليون من السوريين، الفارين رجالا ونساء وأطفالا ومسنين، أقواهم بنية من صدورهم يتفجر الأنين ،المتجاوزة أهات الحنين ، عن المتروك خلفهم أشياء عن بساطتها هي نتاج عرق تصبب جهدا من أجسادهم لسنين وسنين . ما اشقي الإنسان مهما كان بمغادرة ارض مولده ومرتع صباه وموطن ذكرياته الحلوة والمرة بقوة البارود والتهديد بالقتل الشنيع، أو التعذيب الفظيع، أو تعريض جسده للتقطيع ، بخناجر في يد خنازير لا تفكر إلا بتنفيذ الأوامر كأنها مخذرة بنوع من تعاطاه يفقد إنسانيته ويتحول لثور جائع ، يبحث لقرنيه عن مكان بين الضلوع ، أكانت لامرأة مسنة أو طفل رضيع .
... نصف مليون من السوريين في الأردن نزحوا إليه وأغلبهم حفاة عراة ناشدين الأمان على نفوسهم وعيالهم والمرضى كالجرحى منهم ، لا يملكون سوى الأيادي الممدودة للقلوب المؤمنة الطيبة والضمائر الحية سبيل الحصول عما يسددون به الرمق ويختبؤون في خيام منتظرين الفرج من الباري سبحانه وتعالى .
ملك الأردن عبد الله الثاني لم يترك بابا إلا وطرقه لتوفير ما يمكن توفيره فيحيا هؤلاء الضيوف بكرامة مصانة وعزة محفوظة، وإنه لعمل يعد من حسنات البيت الهاشمي الشريف . الدور على الكويت وأميرها الذي لم نسمع له خبرا في الموضوع ، وإنه حقا انبل مشروع من يطعم أناسا أصابهم قهرا الجوع ، أخلاقهم تأبى أن يظهروا تألما الدموع ، وإن أصابتهم صروف دهر بشار ، فعلى إخوتهم العرب مساعدتهم كأمر في الإسلام مشروع .
*مدير نشر جريدة الأمل المغربية
عضو المكتب السياسي لحزب الأمل
صندوق بريد رقم 4613 – الصخيرات – المغرب
البريد الإلكتروني :
mmounirh@laposte.net