أهم ما يميز حكومة عبد الإله بن كيران هو أنها تتوفر على وزراء لهم قدرة كبيرة على "البوليميك" لدرجة أن بعضهم يعبر عن موقف ما من قضية ما في صباح ما ثم ينفيه جملة وتفصيلا في مساء اليوم نفسه،من دون أي إحساس بالحرج أو الخجل .
هذه "السنطيحة" الصحيحة لدى هذا النوع من المسؤولين الحكوميين تجعلهم في وضع يشابه تماما وضع الحرباء في تقلباتها وتغيراتها الفجائية مع أي ظرف جديد، مع امتياز للحرباء أن تقلبها أمر طبيعي يسمح لها بالتكيف مع الأجواء الجديدة، بينما تقلب بني البشر مصطنع.
الحديث عن الحيوانات هنا يذكرنا باللغة الجديدة التي دشن بها رئيس الحكومة،عبد الإله بن كيران،وبعض الوزراء المنتمين لحزب "العدالة والتنمية"، دخوله السياسي القوي حين أخبر المغاربة ب" اكتشاف" تماسيح وعفاريت مزروعة في كل مكان، تتعذر عليه مقاومتها..
حبيبه الحبيب الشوباني،الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، سيذهب أبعد من وصف رئيسه (في الحزب وفي الحكومة) حين لم يتردد في وصف وزراء الحكومة- زملاؤه الأعزاء- ب"الضفادع الصماء" التي لا تسمع للآخرين ولا تسمع لبعضها البعض .قال ذلك في ندوة حضرها رئيسه في الحزب وفي الحكومة وعدد كبير من البرلمانيين، وليس في حديقة الحيوانات بتمارة. ومضى يقول: إن العفاريت التي يتحدث عنها رئيس الحكومة موجودة في البرلمان،واصفا هذه المرة البرلمانيين ب"العفاريت التشريعية."
وفي لفتة حربائية ،عاد الشوباني ليلصق كل ما جاء على لسانه بالصحافة والصحفيين ،لأنه اعتبرهم ،ربما، ذلك "الحائط القصير" الذي يمكن القفز عليه في كل وقت وحين، متهما إياهم بالإساءة "للعلاقة النموذجية بين الحكومة والبرلمان."
المثير للانتباه أن "حبيب" بن كيران وقرة عينه،الحبيب الشوباني، حينما وجد نفسه في ورطة،استنجد ببعض الآيات القرآنية التي ورد فيها ذكر الحيوانات مثل "الحمار يحمل أسفارا" و"الكلب إن تحمل عليه يلهث." وفي محاولة منه للهروب إلى الأمام ،تذرع بأن" لغة الحيوانات ليست مبتذلة ،بل هي مرجعية مشتركة.."
إنهم بعض أعضاء الحكومة الموقرة الذين يبدو عليهم أنهم تأثروا كثيرا بما جاء في كتاب" الحيوان" للجاحظ ، وأشعار الشاعر الفرنسي "لافونتين" ذات الصلة.
بما أن الشوباني يحمل "حبا" دفينا للصحافة والصحفيين والإعلام والإعلاميين في هذا البلد الأمين، فإنه لا ينساهم كما لا ينسى "فضلهم "عليه. لذلك تراه يبادر برد "التحية بأحسن منها". وما واقعة "دوزيم" ببعيدة، حيث تتحدث الحكاية أن وزيرا من الحكومة الملتحية مكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، أقسم بأغلظ الأيمان أن يمسك عن الكلام مع القناة لأنه "مكيحملهاش" ، بل إن كراهيته لها تشمل حتى ميكروفونها. مما أثار ضجة في الوسط الإعلامي لدرجة الاحتقان.
وفي لفتة حربائية أخرى، نفى الوزير المحترم ،جملة وتفصيلا،أن يكون استعمل أية تعبيرات عدوانية ضد "دوزيم"،وأنه اعتذر "بلباقة وأدب" عن إعطاء تصريح لهذه القناة ..قبل أن ينتبه إلى "الحائط القصير" الذي يحب القفز عليه عند كل ورطة يقع فيها ،فأخرج اتهاماته لوسائل الإعلام ب"تلفيق أكاذيب" في حق الوزير. حاشاك آ السيد الوزير.
ثالثة الأثافي تتمثل في ذلك الانتقاد الشديد اللهجة الذي جعل "حبيب" بن كيران يكبر في أعين المعطلين والفقراء والمهمشين والمعوزين .. والغوغاء.. حين صاح بأعلى صوته منددا مهاجما المهرجانات، ومهرجان "موازين" على الأخص، مستنكرا صرف الأموال العمومية على تنظيم "مهرجانات باذخة" لم يتردد في وصفها ب"مهرجانات الدولة" على غرار"حزب الدولة
، قائلا إن المغرب ليس في حاجة إلى مهرجانات مثل "موازين"..
وفي لفتة حربائية جديدة،يعود ليقول أمام الصحافة أن موقفه من "موازين" " لا يخضع لسؤال حرية التعبير، وإنما لسؤال الحكامة."
الحمد لله أننا لسنا حيوانات صماء وبكماء، بل حيوانات ناطقة.
وماذاعسانا أن نقول ل"حبيب" بن كيران وقرة عينه، سوى أن "البقر تشابه علينا."
حمادي التازي.