فشلت "قومة" الشيخ عبد السلام ياسين، وفشلت"جمهورية" نجلته نادية، بعدما فضحتها الحواس والرغبات، وأغوتها النفس الأمارة بالسوء في أثينا، وفشلت جماعة العدل والإحسان في إسقاط النظام، ولم يبق أمامها إلا تزوير الأرقام.
وهكذا تفننت "الدائرة الإعلامية" للعدل والإحسان في:
أولا: مضاعفة الأرقام، بهدف الإيهام أن الحراك الشعبي مستمر، فنشر موقعها أن الآلاف خرجوا في الرباط (مثلا) الأحد، بالرغم من أن العدد الحقيقي لم يتعد بضع عشرات أغلبهم من أنصار العدل والإحسان، وما تبقى من "اليسار" الجدري، مع الإصرار على تسميتهم بـ 20 فبراير، علما أن الحركة تآكلت حتى لم تعد تُرى إلا بالمجهر، بعدما غادرها الكثيرون، الذين فطنوا باللعبة، ورفضوا أن يصبحوا مجرد أسرى في "معسكرات" الشيخ عبد السلام ياسين.
ثانيا: ترويج معطيات لا أساس لها في الواقع. وهكذا أشار "إعلام" الجماعة إلى أن مظاهرات الأحد عمت 40 مدينة، لكنه عجز عن تقديم لائحة كاملة لهذه المدن، واكتفى بذكر 18 مدينة فقط. فأين اختفت 22 مدينة الأخرى؟
لقد انكشفت "عورة" العدل والإحسان، في ظل التحولات السريعة التي عاشها المغرب، منذ مارس إلى الآن، وهي تغييرات تشي بالمزيد من تقوية المؤسسات، غير أن الجماعة وجدت نفسها على هامش التاريخ في كل هذه المتغيرات، لذلك فإنها لا تجد بدا من استعمال كل الوسائل بما في ذلك "القدرة" من أجل لفت الانتباه، ولو اقتضى ذلك "الافتراء" على الرأي العام.
لا أحد يستطيع أن ينكر أن بعض المظاهرات تخرج، كل أحد، هنا وهناك من أجل رفع شعارات ذات طابع محلي، في غالب الأحيان، كما في أسفي وسطات والفقيه بنصالح، حيث ترتبط المطالب بالشغل أو رحيل هذا المنتخب وذلك، غير أن العدل الإحسان تريد أن "تستثمر" ذلك في سياق مختلف تماما: سياق تطهير الشوارع بالدماء.
المنفذ الوحيد الذي تبقى للعدل والإحسان، هو هذا الهروب إلى الأمام، وافتعال المظاهرات، واختلاق الأرقام، والصور الملتقطة بعناية ومن زوايا مختارة بدقة، والبحث عن المزيد من الفوضى، حتى في ليالي رمضان، بعد أن فشلت الجماعة في "صناعة" ذلك في عز نهارات باقي الأيام.
ولأنه ليس للشيخ ياسين ما يخسره بعد أن استحال عليه تحقيق نبوءاته بالرؤيا والأحلام، ولأن الاختيار الديمقراطي لا يزكي "الأوهام"، ولأن الجماعة في وضع الجالس بين كرسيين لا راحة و لا استقرار، مادامت "حائرة" بين الانتماء لروح العصر وقيم المواطنة والانتماء لعصر الخلافة وقيم الإتباع، فإنه ومريدون مازالوا مصرين على "إتباع الظن وما تهوى الأنفس" أما اليقين فقد اختاره باقي المغاربة بالتصويت على الدستور.