يبدو أن علي المرابط قرر حشر أنفه، وأصبعه في ملف الاتحاد الاشتراكي ولو من باب الفضول، لأن الرجل لا يفهم كثيرا في هذه الأمور، وكل فهمه أنه يعيد نقل ما يقوله الآخرون، ولو بجهالة، وهو الأمر الذي اتضح جليا من خلال ما كتبه عن تورط الداخلية والديستي في انتخاب لشكر كاتبا أول لحزب عبد الرحيم بوعبيد. وقد عاد المرابط إلى هوايته التي لا يعرف غيرها، وهي إسقاط الطائرات، حيث اعتمد على تسجيل صوتي ادعت إحدى الجرائد أنه لعبد العالي دومو خصم لشكر، ونسبت إليه تصريحات ادعى فيها أن الداخلية ساعدت لشكر على الفوز برئاسة الحزب، ولأن ما يهم المرابط هو تصفية حسابات عالقة مع أجهزة الدولة، كان لابد أن يضيف إلى المقال الذي نشره اعتمادا على كلام دومو، أجهزة الديستي مدعيا أن الداخلية والمخابرات كانت تتصل بمناضلي الحزب وتقول لهم إن لشكر مرشح القصر، وهي ممارسات يعرف حتى الطفل الصغير الذي يميز أنها انتهت إلى زوال، ولم يعد هناك أي مجال للتدخل، خصوصا أن الأمر يتعلق بمناضلين داخل حزب وطني، ولأن الجهل عند المرابط مركب، فقد ربط بين ما يدعيه دومو من تزوير ومغادرة علي بوعبيد الحزب الذي قال المرابط إن أباه هو من أسسه، والكل يعرف أن بوعبيد لم يكن رقما مهما في المعادلة الاتحادية، وأنه حاول الركوب على موجة التغيير ليحصل على موطئ قدم لكنه فشل لذلك كان لابد أن يغادر المركب، وينزل في أول محطة، والأمر لا يتعلق بانتخاب لشكر أو غيره، ولكن له علاقة بالرجل نفسه. لقد انحاز المرابط دون وعي وبغباء واضح إلى أطروحة دعم لشكر من طرف الداخلية، وهو أمر لم يتمكن الزيدي ولا من يقفون معه من تأكيده بالحجة، اللهم الكلام الذي يتناقض بين هذا وذاك، والذي اعتمد عليه المرابط بوقاحة ظاهرة، وصفاقة لا مثيل له، خصوصا أن الداخلية نفت أي تدخل لها في انتخاب لشكر، وفندت كل الادعاءات التي تم الترويج لها، بهدف خلط الأوراق. لقد اعتبر المرابط أن دومو يعتبر واحدا من أبرز القياديين داخل الاتحاد الاشتراكي، والحال أن دومو يعتبر من الجيل الثالث داخل الحزب، واليوم ليس له أي قرار أو دور سياسي داخل القوات الشعبية، وزاد الطين بلة، حين أكد وفق ما قاله دومو نفسه، أن الداخلية مدعومة بالديستي انتخبت لشكر، في ضرب كامل لديمقراطية الاتحاد التي تم احترامها بشكل كامل، خصوصا أن الحزب اعتمد مبدأ الدور الثاني وتمت الأمور على ما عايناه، لكن لأن المغرب لم تتجذر فيه ثقافة القبول بالهزيمة، فقد اصطنع أنصار الزيدي حملة شعواء ضد خصمهم، من أجل تحوير النقاش وتمييعه، والوصول إلى خلق أزمة داخلية لن تصيب الاتحاد فقط، ولكن ستصيب المشهد السياسي برمته، وهو ما يؤكد أن الوعي السياسي لدى البعض مازال قاصرا، ولم يصل مرحلة النضج، أما لدى بعض من يعتبرون أنفسهم صحافيين، فالوعي منعدم تماما، وإلا كيف يعتمد صحافي على تسجيل صوتي لكيل الاتهامات، بل وإقحام المؤسسات، بشكل يدعو إلى السخرية. إن ما يعيشه المغرب اليوم مع هذه العينة من السياسيين والصحافيين يؤكد وجود أزمة حقيقية، سببها الفهم المقلوب للديمقراطية التي تعني لدى هؤلاء، إما أن أفوز أو أقلب الطاولة بما فيها، وهي نكسة كان الأولى أن نفرد لها بعضا من التحليل حتى لا نسقط فيما سقط فيه أمثال المرابط الذين يتحولون عن سبق إصرار إلى ببغاوات يعيدون نقل تراهات بعض الأطراف وتلك مصيبة السياسة في المغرب.