تحولت " نعمة" فوز الأغلبية بـ 5 مقاعد في الانتخابات الجزئية إلى "نقمة". ومباشرة بعد نشوة الاحتفال بسبع ساعات " تاع الكرموس"، بدأت الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي تعض في لحم بعضها البعض.
ولم يهضم لا حزب العدالة والتنمية ولا حزب الاستقلال أن يكون نصيب كل منهما مقعد يتيم من بين المقاعد المُتنافس عنها، واستكثروا على الحركة الشعبية أن تفوز بمقعدين اثنين بكل من أزيلال وسيدي قاسم، وشرعوا في الهمز واللمز والتنابز بالألقاب، وهو ما نهى عنه الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز.
ويكشف هذا الوضع "هشاشة" الأغلبية الحكومية التي لا تجمع بين مكوناتها قناعة أو برنامج مشترك، وإنما مصالح سياسية ضيقة وحسابات انتخابية صغيرة، قد تعصف بها في أية لحظة.
وبالرغم من أن المغرب يعيش في ظل دستور جديد، ومرحلة جديدة قطعت فيها مع أساليب الماضي، فإن الحزبين الرئيسيين في الحكومة ( العدالة والتنمية والاستقلال) لم يجدا من تفسير لفوز مرشحين من الحركة الشعبية إلا في كون أمينها العام يشغل منصب وزير الداخلية، وهو ما يعني أنهما لا زالا لم يتخلصا من تراكمات الماضي، التي أفصح عن جزء منها عبدالكريم مطيع في مذكراته، في ما يخص حزب العدالة والتنمية بالضبط.
لقد كان من بين المطالب الرئيسية للأحزاب أن لا تبقى وزارة الداخلية في خانة وزارات "السيادة"، وحين تحقق هذا الهدف، وتم تعيين وزير للداخلية من بين صفوف الأغلبية، كبُرت التهم، فتم اتهام الوزارة بالتدخل في انتخاب إدريس لشكر كاتبا أولا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وبتزوير نتائج الانتخابات الجزئية لفائدة مرشحي الحركة الشعبية التي تتولى حقيبة الداخلية.
والتفسير الوحيد لهذه الظاهرة، التي لا بد أن تستمر لمدة، ولا تتبدد غيومها إلا بعد حين، هي أن الأحزاب تعاني من "عقدة" الداخلية، وهي "عقدة" يحتاج علاجها إلى الطب النفسي، وسيكون على الأغلبية أن تبحث في صفوفها عمن يضطلع بهذه المهمة، خاصة وأن في صفوفها طبيبان، واحد منهما قادر على الاضطلاع بهذه المهمة.