ابتدع خطباء الجمعة من الجماعة المحضورة العدل والإحسان، بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، وذلك برفع أكف الضراعة بالرحمة لمرشد الجماعة الراحل عبدالسلام ياسين.
ولقد غابت عن هؤلاء الخطباء عدة أمور شرعية في هذا الباب:
أولها: أن الرسول (ص) يقول في حديث شريف، " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ابن صالح يدعو له"، وبالتالي فإن الدعاء للشيخ الراحل عبدالسلام ياسين لا معنى له، في هذا السياق، إلا إذا كانت الجماعة تبحث عن الفتنة النائمة " لعن الله موقظيها".
ثانيا: أن الدعاء لا يكون في صلاة الجمعة إلا لأمير المؤمنين، لأنه هو حامي حمى الملة والدين و رمز وحدة الأمة، أما عبدالسلام ياسين فهو شيخ جماعة ارتأت بعد وفاته أن ترقيه إلى درجة إمام.
ثالثا: أن الدعاء للراحل عبدالسلام ياسين، هو مجرد بدعة، ابتدعها أتباعه بهدف الابتزاز بدليل أن عدد الخطباء الذي سقطوا في هذا الفخ عن وعي أو عن جهل لا يتعدى 5. وفي الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في كل خطبة جمعة " إن شر الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ"، وبالتالي فإن ما أقدم عليه هؤلاء الخطباء يخالف الثوابت الثلاثة: العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، وطريقة الجنيد السالك، لأن في ما أقدموا عليه يمثل خروجا
عن إجماع الأمة وما اتفق عليه العلماء. ولا يمكن، بالتالي، للمغاربة الذين اختاروا هذه الثوابت أن يسمحوا بأن يتم التدليس عليهم بادعاء أن الشيخ ياسين "يستحق" الدعاء في صلاة الجمعة، لأنه كان شخصا لا يدعو إلى العنف، ويبتعد عن التحريض، ونشر الفتنة، لأن الصرامة العقائدية تقتضي ذلك.
ولا شك أن فشل هذا المخطط، الذي يسعى إلى تنصيب "إمام" يدعو له المصلون في المساجد على غرار المذهب الشيعي وتفرعاته، هو الذي جعل بعض خطبائهم يزبدون ويرغدون ويتوعدون ويهددون بـ " الإسلام أو الطوفان" رغم أن هذا البلد وسكان هذا البلد ارتضوا الإسلام دينا من دون ترغيب وترهيب، أما الطوفان الحقيقي فهي ما تعيشه الجماعة المحظورة من صراعات داخلية وتمزقات لن ينفع معها إلهاء الأتباع بالدعاء للمرحوم عبدالسلام ياسين في صلاة الجمعة.
رشيد الأنباري.