أولا، ما قدمته بعض المواقع من فقرات وجمل من التقرير المذكور،لا يعدو أن يكون مجرد إنشاء يمكن أن يحرره أي شخص وهو جالس، يرشف قهوته، في المنزل أو في المكتب. وحين ينتهي منه يضع له عنوانا غليظا وينشره باسم مركز من المراكز ليتلقفه من في نفسه مرض، و"يلعب عليه" كما شاء في الاتجاه الذي يشاء.
وهنا بالضبط مربط الفرس، فالتقرير الذي يتحدث عن "غليان اجتماعي" يسعى بكل صراحة إلى إعطاء نفس ل"حركة 20فبراير" في وقت لاحظ المراقبون والمتتبعون عن قرب للشأن الوطني أن نفسها انحبس، وأنها تفتقد لمشروع مجتمعي ومرجعية فكرية ورصيد معرفي.. يساعدها في طرح البديل. وحتى ما تم اعتباره"غليانا" هنا وهناك في المناطق، فإن المحللين العقلاء يعتبرونه ظاهرة صحية لمجتمع حيوي قادرعلى استيعاب مختلف أشكال الاحتجاج والتظاهر بكل سلاسة ومرونة، ولا يعتمد سياسة خنق الأنفاس، وهذا أمر يُحسب للمغرب، وليس ضده.
يتحدث التقرير عن استمرار اعتماد المقاربة الأمنية باعتبارها "مرآة لانسداد أفق الحوار والإنصات الجاد لمشاكل الناس وعدم جدية الدولة في إيجاد حلول ناجعة قائمة على رؤية علمية واستراتيجية بعيدة المدى لإخراج المجتمع من أنفاقه المسدودة."
لا أحد ينكر وجود مشاكل اقتصادية تتخبط فيها كل دول العالم، بسبب شيخوخة النسق الاقتصادي العالمي، فالمظاهرات تنتشر في كل البلدان في إسبانيا وبولونيا واليونان، وحين يتحول الحق في التظاهر إلى فوضى واحتلال للشارع العام، فمن الطبيعي أن يتدخل الأمن، كما حدث الأحد في إسبانيا حيث أصيب أزيد من 40 فردا بإصابات مختلفة جراء تدخل قوات الأمن.
لا أحد ينكر أن المغرب يبدل مجهودات من أجل تحسين أوضاع الطبقات الفقيرة عن طريق العديد من المبادرات في مقدمتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والبرامج التي تهم تنمية الكثير من القطاعات سواء تعلق الأمر بالفلاحة أو السياحة أو الصناعة من أجل تثمين هذه القطاعات حتى تصبح ذات مردودية أكبر.
المقاربة الأمنية هي جزء من معادلة الاستقرار الاجتماعي، لكن ينبغي الاعتراف أنها واحدة ضمن مقاربات أخرى سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ورياضية... وكلها تصب في اتجاه واحد هو التنمية والاستقرار.