نشر علي أنوزلا المعتقل في قضية إصدار شيك بدون رصيد، تقريرا يرصد وضعية حقوق الإنسان في المغرب خلال عام 2012، صادر عن مركز مغمور يدعى "هيباتا"، ودعا التقرير إلى إشاعة الفوضى والكف عن ملاحقة المجرمين وقطاع الطرق، وتجار المخدرات والبشر والملاحقين بإصدار الشيكات وغيرهم من المجرمين، بدعوى احترام حقوق الإنسان، حيث خلص التقرير الذي لا يعرف على ماذا اعتمد لإصدار أحكامه، إلى أن استمرار اعتماد المقاربة الأمنية لا يعدو أن يكون "مرآة لانسداد أفق الحوار والإنصات الجاد لمشاكل الناس وعدم جدية الدولة في إيجاد حلول ناجعة قائمة على رؤية علمية واستراتيجية بعيدة المدى لإخراج المجتمع من أنفاقه المسدودة". لكن التقرير الذي سعى إلى رسم صورة سوداء عن الوضع الحقوقي تناسى الحديث عن التطور الذي عرفته حقوق الإنسان في المغرب، والمجهودات التي بذلت في السنوات الأخيرة من أجل القطع مع الممارسات السائدة، كما لم يتحدث عن المراقبة التشاركية التي جاء بها دستور 2011 الذي كان متقدما في مجال الحوار المجتمعي، وفتح المجال أمام الجميع لتقديم وجهات نظره، لكن يبدو أن هذه المراكز الرخيصة التي تعمل بمبدإ المقايضة، والعمل المأجور، لا تهتم كثيرا بالتحولات التي عرفها المغرب، مفضلة في غالب الأحيان تقديم صورة مغلوطة، تكون مجالا للابتزاز في المستقبل، وهي أمور معلومة ومكشوفة. لقد أثبتت الكثير من الوقائع والأحداث أن الأجهزة الأمنية تكون دائما أمام وضعين لا ثالث لهما، حين تندلع شرارة بعض الاحتجاجات التي تكون لأهداف اجتماعية قبل أن تتحول إلى أعمال تخريب وعنف، فإما أن تعتمد هذه السلطات مبدأ الحزم في إطار مقاربة أمنية محددة المعالم، تسعى إلى حماية أمن المواطنين وسلامتهم الجسدية، وإما أن تترك الحبل على الغارب وتكف يدها وتترك الأمور في يد جماعة من البلطجية الذين يستغلون هذه الأحداث ليعيثوا فسادا في الأرض، وفي هذه الحالة سترتفع الأصوات لتندد بمثل هذه المواقف، وتتهم الدولة بترك المواطنين في يد جماعات منحرفة. إن الجهات التي تؤطر هذه الاحتجاجات وتشعل فتيل الفتن، تكون أهدافها في الغالب غير بريئة، حيث تجد دائما طرقا لتصريف أهدافها عبر العديد من الوسائل قبل أن تلجأ إلى مراكز حقوقية نبتت كالفطر، وباتت أشبه بدكاكين الهواتف العمومية، من أجل تسليط الضوء على هذه الاحتجاجات التي تتحول بفعل الضغط وعمليات التسخين التي يقوم بها خبراء في هذا المجال إلى مواجهات عنيفة، مما قد يتسبب في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وتصبح حياة المواطنين في خطر. الغريب في الأمر أن التقرير رصد ما اعتبرها خارطة للغليان الاجتماعي، وقدم مجموعة من المدن والقرى، التي غالبا ما تتحرك بفعل فاعل، وإلا كيف يتم اختيار هذه النقط، ولماذا التركيز على الريف دائما، هل هناك أهداف اجتماعية أم أن الأمر أكبر من ذلك، وتقف وراءه مطالب سياسية تدعو إلى الفتنة. إن التقرير الذي ادعى أنوزلا أنه جاء نتيجة رصد مجموعة من الوقائع حبل بمجموعة من المغالطات، وقدم أحداثا غير صحيحة بل وسعى إلى تحريف الوقائع، فلم يذكر المجهودات التي تم القيام بها للحفاظ على الاستقرار والأمن العام، ولم يتحدث عن التخريب والتعطيل اللذين يطالان مصالح الناس، حين يتم قطع الطرق وتخريب الآليات، وهو ما يؤكد وجود نية مبيتة لدى القائمين على هذا المركز الحقوقي المغمور ومن يتكلفون بالدعاية له من أمثال أنوزلا.