أصيب "البوليساريو" بسعار حقيقي، ويبدو أنه بحاجة إلى الكثير من أمصال الديمقراطية وحقوق الإنسان...
أعراض داء الكُلاب، كما يسميه العرب، بدأت تظهر مع انطلاق محاكمة مجرمي أكديم إزيك، غير أن الداء كشر عن أنيابه مع صدور الأحكام، التي أدانت المتورطين في قتل 11 فردا من القوات العمومية والوقاية المدنية، فاشتد نباح القيادة التي تحتضنها الجزائر، وشرعت تتحدث عن حقوق الإنسان، وسعي المغرب إلى عرقلة أي حل سلمي لملف الصحراء.
ومما أجج هذا السعار المصحوب بنباح حاد، أن المحاكمة احترمت جميع شروط المحاكمة العادلة، بشهادة المراقبين الوطنيين والدوليين، وأن الأحكام كانت بحجم الجرائم المادية الملموسة المقترفة، رغم أن المتورطين حاولوا أن يقدموا أنفسهم كسجناء رأي، رغم أن الرأي ليست أحجارا تهشم الرؤوس حدّ الموت أو مدية تمتد لعنق لتذبحه من الوريد إلى الوريد، ورغم أن الرأي لا يحتاج إلى السكاكين والسواطير وقنابل الملوتوف والعملة الصعبة والسيارات الرباعية الدفع، الرأي هو مجرد خطاب يعبر عن موقف.
ولم تنجح كل حيل "البوليساريو" و انفصاليي الداخل في منح المتابعين صفة سجناء الرأي أو معتقلين سياسيين، رغم الضجيج الإعلامي الذي رافق ذلك، خاصة في صحافة الجزائر وتلفزة الجزائر ووكالة أنباء الجزائر.
ولم تجد قيادة "البوليساريو" أي مشجب تعلق عليه هذا الفشل، في تحويل قضية إجرام إلى قضية رأي عام، لذلك تسعى اليوم إلى افتعال معارك هامشية، واتهام المغرب بعرقلة أي حل سلمي للنزاع المعروض على أنظار الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ناسية أن المغرب قام بالكثير من المبادرات التي تصب في هذا الاتجاه آخرها مشروع الحكم الذاتي، الذي لم يلق أية استجابة لدى " البوليساريو" والجزائر، رغم أن المجتمع الدولي يرى فيه الحل الأنجع للنزاع.
ولأي متتبع أن يتساءل هل من يشيد الطرقات والموانئ والمطارات ويعمم الماء والكهرباء هو من يبحث عن " الحرب" أو يعرقل الوصول إلى حل سلمي نهائي أم من يمول انفصاليي الداخل بالأموال، ويحرضهم على إثارة القلائل؟
هل من يعرقل الحل السلمي هو من يساهم في المجهود الحربي بفتح أجوائه أمام الطيران الفرنسي من أجل إعادة الاستقرار إلى شمال مالي والقضاء على فلول القاعدة في الغرب الإسلامي أم من يغذي هذا التنظيم الإرهابي بالآلاف من المقاتلين من داخل المخيمات؟
إن المنطق الذي اتبعه " البوليساريو" في التعامل مع المحاكمة هو منطق المثل الشعبي: " نسرق أو لا نقتل مول الخيمة"، وهو منطق ينم عن عدوانية قاسية إزاء المغرب، غير أنه فشل في المهمتين معا.
رشيد الانباري