في ما تعكف لجنة على مراجعة "مدونة" الصحافة والنشر، الله وحده يعلم كم قطعت من كيلومتر على طريق تعديل هذا القانون من أجل إلغاء كل العقوبات السالبة للحرية، وتكييفه مع مقتضيات الدستور الجديد، الذي يمنح الحق لأي مواطن في الوصول إلى المعلومة. في ظل هذه الأجواء، خرج وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، بـ "تغريدة" ليس على مواقع التواصل الاجتماعي وإنما أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، يتوعد فيها الصحافة بالمتابعة القضائية في حال نشر محاضر التحقيقات القضائية التي مازال البحث فيها جاريا، وهو ما يؤشر على المزيد من التضييق على حرية الصحافة، التي تُدرج الحكومة "الملتحية" أغلبها في خانة "العدو"، بالرغم من أنها ليست بعدو، وإنما سلطة تمارس مهامها في إعلام الرأي العام، وهو ما يُزعج رئيس الحكومة، الذي طالما اتهم الصحافة بالافتراء عليه، قبل أنْ يعمد إلى لجم لسانه عن الإدلاء بأي تصريح صحفي إعمالا للمثل الشعبي القائل: " الفم المزموم ما تدخلو دبانة".
والواضح أن هامش "الحرية" الذي تسعى اللجنة التي نصبها وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، ويرأسها العربي المساري إلى توسيعه، سيصطدم ( هامش الحرية) بالمزيد من "المضايقات" من طرف وزارة الحريات، التي تريد من الصحافي أن يعيش على الانتظار إلى أن يصدر حكم نهائي، قد يتطلب أحيانا ما بين استئناف ونقض خمس سنوات أي إلى أن تصبح القضية نسيا منسيا.
ولا يجد المتتبع أي تفسير لذلك، إلا كون الحكومة الموقرة تعمل بمنطق " لي حرث الجمل دكو"، لأنها لا ترغب أن تشوش على مخططاتها أقلام الصحافيين.
والأكيد أن الحكومة قد وضعت مخططا لضرب القدرة الشرائية للمواطنين باسم إصلاح صندوق المقاصة، ومخططا للحجز على أموالهم وممتلكاتهم باسم تحصيل الديون العمومية، ومخططا للجم حرية الصحافة باسم سرية التحقيقات القضائية، ومخططا لنشر أسماء من يستفيدون من رخص النقل والمقالع والمنح الدراسية والسكن في الأحياء الجامعية ( من دون اعتبار للظلم الذي قد يحمله تشابه الأسماء) باسم الشفافية، ومخططا للهجوم على المعارضة بإسم أن " في كرشها شي حاجة".
وغدا أو بعد غد ستظهر المزيد من المخططات ...
رشيد الانباري