كشفت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة بالمحكمة الجنائية بفالينسيا، مع المواطن المغربي محمد الشعبي المشتبه في انتمائه إلى جماعة متطرفة،عن وجود مخطط إرهابي ضد المغرب كان مهيئا من قبل ومعدا للتنفيذ خلال شهر أبريل المنصرم، مستشفا ذلك من عملية تولوز الفرنسية المعروفة التي قام بها الشاب محمد مراح. بلاغ المحكمة الجنائية الذي تلاه المتحدث باسمها، أكد أن المواطن المغربي المعتقل يوم الخميس المنصرم بمنطقة فالينسيا، ينتمي فعلا إلى أحد أجنحة تنظيم القاعدة والمسمى “الذئب المنفرد”، وهي إشارة إلى بعض الأشخاص الذين يشتغلون بشكل فردي، ويقومون بتنفيذ عمليات مباشرة بمفردهم إما كعمليات انتحارية أو عمليات اغتيال، بتنسيق مع مسؤولين عن هذا النوع من النشاط.قاضي المحكمة الجنائية خفيير كوميز بيرموديز الذي عرض عليه المتهم محمد الشعبي، بعد توقيفه منتهى الأسبوع، أكد التهم المنسوبة إليه وأحاله على الحبس الاحتياطي لتعميق البحث والتحقيق معه، بناء على المعطيات والحجج المقدمة بخصوصه، قبل أن يعلن رسميا انتماءه إلى جناح القاعدة المعروف بـ”الذئب المنفرد”. وأوضح المتحدث باسم النيابة العامة بهاته المحكمة، أنه نظرا للصعوبات التي أصبح تنظيم القاعدة يجدها، في تشكيل خلايا تضم مجموعات سريعا ما تنكشف فقد أصبح يشتغل بالطريقة الفردية، من خلال شحن المعني وجعله في أقصى أشكال التطرف وقادرا على تنفيذ عمليات منفردة، من خلال تتبع ضحيته وتنفيذ العملية بشكل مباشر، قد لا تبدو عليه أي معالم التنظيم الإرهابي كما هي معروفة، كحادثة “تولوز” التي أطاحت ببعض الجنود الفرنسيين من أصول عربية.
بلاغ النيابة العامة الإسبانية أشار إلى كون محمد الشعبي كان قد هيأ تفاصيل عمليته الإرهابية، لتنفيذها بالمغرب خلال شهر أبريل المنصرم، لكن تم إيقافه بنقطة التفتيش بطنجة خلال عودته إلى المغرب يوم 5 أبريل المنصرم، حيث مكث بالمغرب حتى شهر غشت ليعود مجددا إلى إسبانيا. وتؤكد مصادر التحقيقات أن محمد الشعبي هو شبيه بمحمد مراح صاحب عملية «تولوز» في مارس المنصرم، وهي طريقة عمل جديدة بدأت تنهجها القاعدة في تدبير عملياتها الفردية المباشرة، واستراتيجية سهلة بالنسبة لها تعتمد على الفرد الواحد، المشبع بالأفكار المتشددة والإرهابية التي تجعله قادرا على تنفيذ عملياته بشكل مباشر، ودون ترك آثار أو معلم الفعل الإرهابي، كما أنه يسهل عليه الفرار والتخفي، ونادرا ما تكون العملية انتحارية بقدر ما تكون عمليات تستهدف أشخاصا محددين، يكون للفاعل علم تام بهم وتتبع آثارهم وتعرف على كل الأمور التي تسهل العملية التي يريد القيام بها.
محمد الشعبي كانت له أهداف إرهابية بالمغرب، حيث يعتقد أنه كان من المنتظر أن يستهدف مصالح وشخصيات يهودية ومغربية، مسجلة في أجندته الخاصة لتصفيتها وفق نظرية “الجهاد” التي يرسمها تنظيم القاعدة في فكر عناصره، المنتمين إلى جناح “الذئاب المنفردة” وهي استراتيجيتهم الجديدة التي بدأت تنفضح مع توالي التحريات والتحقيقات، ليتبين أن محمد مراح الجزائري الفرنسي الذي قتل حوالي 12 شخصا بتولوز مارس الأخير، كان ينتمي فعلا لهذا الجناح الجديد للقاعدة، الذي يعتمد فيه على أشخاص محددين يشحنون بالأفكار المتطرفة لكن دون أن يكونوا تحت الأعين أو الحراسة، لكونهم يبتعدون كليا عن أي مظهر من المظاهر الممكن أن تجلب الشك والارتياب اتجاههم، فجلهم يبقون بدون لحي يرتادون الأماكن العمومية، بل منهم من يتظاهر حتى بشرب الخمر ويرتاد المراقص والملاهي، حسب تأكيدات وزير الداخلية الإسباني..
اعتقال محمد الشعبي حيا وفي مراحل إعداد أولية، قد يكشف مزيدا من الأمور ويسلط الأضواء بشكل أكبر على مزيد من أسرار الجناح الجديد للتنظيم الإرهابي، ويجعل المصالح الاستخباراتية بالمغرب كما بأوربا أمام تحديات مهمة في تتبع هاته “الذئاب” التي لا يعرف عنها شيئا ويمكنها أن تكون مندسة داخل المجتمع بشكل عادي قبل أن تستذئب وتخرج أظافرها لتنفيذ عملياتها دون أدنى شك فيها أو ارتياب منها، ودون ترك أي توقيع إرهابي يذكر رغم أنه فعل من توقيع تنظيم القاعدة أكبر تنظيم إرهابي متشدد في العالم…
مصطفى العباسي.