كشف عمر الحدوشي، أحد شيوخ السلفية الجهادية المفرج عنه أخيرا بضمانة شخصية من مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، عن وجهه التكفيري، وبينما حاول مرات عديدة أن ينفي هذه التهمة عنه فإن التدخل الفرنسي في شمال مالي فضحه، ولم يكتف بتوجيه تهمة التكفير على حسب بعض السلوكات، ولكن وصف بعض الأجهزة بعينيها وخصوصا المشتغلين بالمركب الأمني لتمارة التابع للإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني بالكفر، وهذه جرأة خطيرة على دين الله لأنها تحمل رسالة إلى من يهمه الأمر بتنفيذ الحكم في الكافر حسب الفهم السلفي الجهادي. فهل سيبقى وزير العدل والحريات، وهو الذي ضمن الحدوشي وبحكم موقعه كرئيس للنيابة العامة، مكتوف الأيدي أمام فتاوى التكفير، التي نعرف جيدا أن وراءها التنفيذ الذي يستعد له بعد المعتوهين الذين لا يفهمون من دين الله شيئا سوى القتل لمعانقة الحور العين، وهي عناصر ليس لها أي فهم لشرع الله وللنصوص المقدسة، وليست لها الرغبة في تعلم دين الله ولكن تريد أن تحل عقدها النفسية بـ"الشهادة" السريعة أو ممارسة القتل تجاه الآخرين وليس محاورتهم لأن الحوار سيكشف عورتهم؟ فهل سيحرك الرميد الدعوى العمومية والمطالبة بالتحقيق مع الحدوشي وهو شخص مؤثر في مجموعة من أتباع السلفية الجهادية؟ الأمر ليس هينا حتى نستهين به. لأن السلفية الجهادية تنقل معركتها اليوم إلى المغرب، بعد تكفير حمدين صباحي، الزعيم الناصري المصري، ومحمد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومرشح الرئاسة، وبعد اغتيال المناضل التقدمي شكري بلعيد بتونس بناء على فتاوى شيوخ الجهل والتكفير والسكوت المريب لحركة النهضة التونسية الحاكمة وإطلاق سراح أحد أهم شيوخ السلفية الجهادية الشيخ عياض، الذي لا يكف عن تكفير مناضلي الأحزاب السياسية العلمانية والمجتمع المدني. وعاد الحدوشي في وقفة للسلفية الجهادية بطنجة لينتقد بشدة التدخل الفرنسي بمالي وما أسماه التدخل في الشؤون الداخلية لتونس، مع العلم أن المقاتلين في شمال مالي ليسوا سوى عناصر من تنظيم القاعدة. وكان حوالي 300 من عائلات السلفية الجهادية اجتمعوا أول أمس الأحد في منطقة بني مكادة بطنجة في إطار ما يسمى تفعيل اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، التي سبق أن علقت أنشطتها منذ مدة، وخلال هذا اللقاء تحدث عمر حدوشي عن التدخل الفرنسي في الشؤون الداخلية لتونس والتدخل العسكري في مالي والدول التي تساعد فرنسا في هذا التدخل ومن بينها طبعا المغرب. ويعيش عمر حدوشي العديد من التناقضات حيث سبق أن كفر المتعاون مع فرنسا وعاد ليقول "كثيراً ما يكتب كلام ينسب لنا دون علم منا، ودون سابقة إخبار، نظراً لكوني لا أدخل كثيراً للمواقع الإعلامية فقد علمت أن بعض المواقع نشرت كلاماً نسبته لي فيه ما لست أذكره، وإنما تصريحي نشر في جريدة يومية بأمانة تامة، حيث اتصل بي أحد الصحافيين يسألني عن رأيي في التدخل العسكري الفرنسي، فأخبرته أن هذا لا يجوز، وأن الأمر سيزيد في إراقة الدماء، ولما سألني عن الفتوى قلت له بالحرف الوحيد : نحن ننتظر المجلس الأعلى أن يصدر فتوى في الموضوع، وننتظر ما سيفتي به المجلس العلمي الأعلى بهذا الخصوص، وننتظر منهم أن يقولوا لنا : ما قاله سادتنا المالكية في مثل هذه النازلة، بما أنهم أوصياء على الفتوى في هذا البلد"، وها هو اليوم يعود ليؤكد فتواه الأولى كدلالة على أنه لم يتغير، والحقيقة أن حدوشي لم يتغير بتاتا وأكد على ذلك أكثر من مرة ولكن هناك من يريد أن يوحي بأنه تغير.