قدم الاخضر الابرهيمي الى احمد معاذ الخطيب نصيحة من كلمتين: “تمسّك بمبادرتك”، وهذا يعني انه دعاه الى “التعلق بحبال الهواء” وإن كان سيهوي سريعاً الى قاع الاوهام المحطمة، لكن ما الفرق بين مبادرة الخطيب التي تنم عن مراهقة سياسية وتحرك الابرهيمي المغرق في الوهم منذ ستة اشهر ونيف، وهو ايضاً نوع من التعلق بحبال الاكاذيب الاميركية – الروسية التي تركته في قاع مهمة مستحيلة ومحطمة؟
لست ادري على ماذا راهن الخطيب عندما قدم مبادرته التي زادت التشظي في صفوف المعارضة، ولا على ماذا يراهن الآن عندما يصل به الوهم الى دعوة النظام الى التفاوض في “الاراضي المحررة في شمال سوريا”، إلا اذا كان يحسب نفسه غاندي الثورة السورية الذي لا يملك في مواجهة العنف المفرط غير النيات السلمية، ولكن اذا كان غاندي قد اضرب عن الطعام فلماذا لا يضرب الخطيب عن الكلام!
كان مثيراً ان نقرأ كلام الخطيب عن ان عدم تجاوب النظام مع مبادرته يمثل “رسالة سلبية”، هكذا بالحرف ولكأن حمامات الدم اليومية في سوريا تسمح ولو نظرياً بالحديث عن سلبيات وايجابيات وخصوصاً انه منذ اطلق مبادرته سقط مئات من القتلى، ولكأنه لم يرصد عدد الضحايا كما رصد “سلبية الرد” ليسجّل نقطة ضد النظام في الداخل والخارج!
ولكن التسجيل ضد النظام بعد عامين من المأساة وسقوط اكثر من ستين الف قتيل، لا يقاس بنقاط السياسة بل بنقاط الدم، فهل يظن “غاندي السوري” فعلاً ان النظام الذي يقصف شعبه ومدنه بالمدافع والقنابل البرميلية يمكن ان تهمه النقاط المسجلة ضده في الخارج، وهل يتصور ان هذا “الخارج” الاميركي والروسي تحديداً اقام للنظام حساباً بالنقاط؟
اذا كان رئيس “الائتلاف السوري” يظن ذلك فعلاً فهذا يعني انه إما واهم يجب ازاحته وخصوصاً بعد دعوته النظام أول من أمس الى التفاوض في المناطق المحررة وإما انه بمثابة حصان طروادة يسعى الاخضر الابرهيمي المتعلق بحبال “الحوار المستحيل” الى انزاله داخل صفوف المعارضة المنقسمة اصلاً، والدليل انه يدعوه الى التمسك بمبادرته، وقت تستعد الهيئة الاستشارية لـ”الائتلاف السوري” المعارض للاجتماع في القاهرة لوضع بنود مبادرة سياسية جديدة يراد منها ان تشكل “حركة تصحيحية” لمبادرة الخطيب!
ما يدور في القاهرة اشبه بحراك مفلسين، فالابرهيمي يبكي على كتفي نبيل العربي الذي يحتاج اصلاً الى مهدئات، وكلاهما غارق في حوار الحائرين مع الخطيب ورياض سيف، والنار تتأجج في تلك الحرب التي سميتها منذ البداية “حرب يا قاتل يا مقتول” التي لن تنتهي غداً. نعم هذا حراك مفلسين. فالروس ينسحبون الى الظل وباراك اوباما يستعيد تصريحه قبل سنة ونصف سنة ليبشر السوريين بأن “الاسد سيرحل عاجلاً أم آجلاً”… فانتظروا!
راجح الخوري – النهار اللبنانية