بقلم: محمد أبويهدة
لم يكن المواطنون الذين صوتوا على الإسلاميين في بلدان شمال إفريقيا، ينتظرون أن يصعد هؤلاء ليتعلموا ممارسة الحكم والتدبير السياسي، بل منحوهم أصواتهم بحثا عن بديل يبتكر حلولا ناجعة لمواجهة الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعرفها هذه الدول.
عكس انتظارات الناس، جاءت أحزاب الإسلام السياسي لتصفي حساباتها الإيديولوجية، والنتيجة مواجهة المتظاهرين في مصر بالرصاص واغتيال قيادي يساري معارض للحكومة بتونس وعنف في ليبيا وعدم استقرار، والبقية ستظهر بجلاء في قادم الأيام.
لقد تمكنت شعوب هذه البلدان من إنهاء الحياة السياسية لثلاثة أنظمة ديكتاتورية أسست حكمها بالنار والحديد يقودها القذافي وبنعلي ومبارك، ويتضح من خلال الأحداث الأخيرة أن من خلفوهم لا يختلفون عنهم كثيرا، لاعتمادهم القوة والعنف في تدبير شؤون البلاد. وأكثر من ذلك فهم يحملون مسؤولية أخطائهم التدبيرية للفلول وبقايا الأنظمة المنهارة ويعتبرون كل المظاهرات التي تندد بفشلهم السياسي مؤامرة للإطاحة بهم.
ما يقع اليوم في هذه البلدان هو دليل واضح على أن هذه الشعوب لم تجد، بعد، الأشخاص المناسبين لتدبير شؤونها السياسية والاقتصادية بسبب خلط الاسلاميين الدين بالسياسة، وانشغالهم أكثر بإنتاج خطاب ديني «يحلل» ما يقومون به ويناسب أهدافهم.
لكل هذا تظهر في الأفق مؤشرات موجة ثانية من الثورة، تستكمل سابقتها، تنهل من الأخطاء التي يراكمها الإسلاميون ومن فورة الشارع ردا على ما يقومون به كما في مصر وتونس كمثال.
لقد نجحت أحزاب الإسلام السياسي في الركوب على الموجة الأولى من ثورة الشعوب ونسبت إليها نضالاتهم، لكن موجة ثانية تتهيأ لضرب مراكبهم بعد أن اعتقدوا أنها وصلت إلى بر الأمان بإمساكهم بزمام الحكم. موجة ثانية تبحث عن ديموقراطية حقيقية وليست خادعة متسربلة بشعارات دينية سرعان ما يتضح أنها كاذبة.
في المغرب وبعد أن أصبح يقود الحكومة لطالما عمد ابن كيران إلى تخويف المغاربة في خطاباته من تحرك الشارع، لكنه لم يستطع لحد الساعة التنبؤ في أي اتجاه سيسير ؟؟