مصطفى منيغ*
صرخة الثقاة تجتاز كل الممرات ، مهما تكررت المرات لمجانبة صداها عبر القارات ، تتقوي على الأقوياء بأبلغ وأصدق العِبارات ، المؤثرة في الناس من مختلف الأجناس لحد ذرفهم العَبرات ، من مقل تكون بالفاعل على الحقائق تفتحت ، فانحازت بل اختارت أشد التضحيات ، سبيل أن يتحقق انتصار الانتصارات ، على "بشار" عمدة الطغاة .
في الأردن أو سواها ، مهما تباينت أو تعددت الرايات ، ثمة ميل للحق بصرف النظر إن كان على هوى الحاكم أو تعداه بأميال من الخطوات ، المتوجهة عن قصد مُشَرّف للإبقاء على مكاسب الشعب حينما يتعرض لأبشع أنواع الضغوطات ، لتبقى كلمته العليا وللآخر الدنيا فإن لم تعجبه القسمة فليشرب من بحر الظلمات بين ليبيا وتونس وقريبا الجزائر وتيك سنة الحياة .
لا أحد انطلت عليه الحيلة الإسرائيلية بتدخلها في سوريا لتوهم الرأي العام أنها حليفة الثوار للتقليل من شأنهم وأشغالهم عما هم فيه من معركة مصيرية منتهية بالتفوق لهم لأنهم على الطريق القويم سائرون وبشار كإسرائيل متى أحس بدنو الهزيمة ابتكرا معا ما يُبعد الاهتمام عن صلب الموضوع والتعلق بما يقود للتعثر الحتمي عسى المعادلة تنقلب من مسألة محسومة إلى أخرى معقدة ومُكلفة للغاية . إسرائيل لم تعد محظوظة تَخَصّصَ في شأن ألاعيبها من تخصص ليقي العرب من شرورها ، سوريا برجالها الأفذاذ ونسائها الحرائر كالصخر صدورهم قادرة أن تتلقى أشرس الضربات وأزيد من ذلك أن ترد الرد الموجع المفزع لأنها والعزة والسؤدد اليد في اليد ، من قديم وليس الحاضر المفتون بذاك السد " الكرتوني" واسمه بشار الأسد ، والمستقبل سيل يجرفه بل يستأصله ونظامه بدءا من الغد .
... المخطط الصادر عن الأربعة تأجل بسبب عاملين اثنين لا ثالث لهما، تجربة إسرائيل بالغارة "إياها" وإخلاص ملك الأردن لمبادئ وطنه العزيز، وقيم شعبه الأعز. ليس هناك منفذ لمساعدة نظام بشار إلا الأردن كموقع استراتيجي مؤثر على السياسة المستحدثة ذات المزج بين الحداثة الأوربية والمكانة الأمريكية وما تبقى عند العرب من الحكماء ، الأمور في المقام لا تُحسب بدولة كبيرة وأخرى أكبر منها أو صغيرة كالأردن ولكن بمن يملك مفتاح مزلاج الباب المغلق بين الطرفين ، روسيا وإيران من جهة ، والسعودية وقطر من جهة أخرى . كل له حساباته الخاصة، إلا أن الترقب يشمل الجميع. والملك عبد الله الثاني إن لم يملك ذاك المفتاح، فله نسخة منه لا يعرفها سواه ونزر من المفكرين هنا وهناك قاسمهم المشترك إزاحة"بشار" من الخريطة السياسية للمنطقة. والشعب الأردني مكانته مصانة بحكم مواقفه الشجاعة ، ومن يعاكس ذلك فهو جاهل للتاريخ وبصيرته معطلة ، الملك يعلم يقينا أنه يتدبر شؤون شعب ليس من الميسور إطلاقا التقليل من أهميته أو جره لمتاهات غير محمودة ، الملك يدرك جيدا أنه يحكم أمة تناصر المظلوم ، وعلى إتباع نهج الحق لا أحد يوجه لها اللوم ، الملك يفهم في العمق أن الشعب الأردني متمسك بتلك الخصال التي بها النساء نساء والرجال رجال ، حاله الصبر والحياء والتقليل (بنعمة الاستقرار ) من الترحال ،وغذه كيومه ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحوار المتحضر الصانع لأنجع وأصوب وأخير مآل . لذا مَنْ لم يأمر به وأراده أن تبتعد الأردن عن أي تحالف مهما كان في الجوهر أو الظاهر، والالتزام بما يعم بلده من سلام وهو في ذلك ماهر.
تناثر الأشلاء في سوريا منذ عامين وحتى هذه الأثناء، كحقيقة مؤلمة وليست خاطرة حوَّلها البيان بين يراع كاتب لأتقن إنشاء، و كرسم على أديم جزء من الدول العربية أقرب إلى الأردن من أي زمان مضى يتقاسمه الضراء ، بما هو آت إن لم يتوقف الملك عبد الله الثاني عن حياده الحيادي السلبي ، وتحرك تمشيا مع قدراته الفكرية الجامعة بين ما هو شرقي محض وغربي على مضض ، بلسان يتقن الانجليزية الأكاديمية العريقة ، جاعلا الجمل في وضعهن الصحيح المرتبط بمفهوم البيئة وتأثيرها المطلق على التربية العامة المفرزة عقليات تقتنع بالملموس ولا شأن لها بجمالية الشعر مادام المقام لا يوحي بالانسجام مع كمليات فكرية لها أوانها ومجالها ، وإنما بمناصرة قضية تقترب من التأثير على كيانها مهما كان البعد الميداني يفصلها عنه البحر الأبيض المتوسط طولا ثم الالتفاف على جبل طارق ، لتجدها وما يمثلها على باب الرقم عشرة الشهير بمصائب الدنيا كلها طارق .
انجلترا تحترمه ، أجل المملكة المتحدة تقدره ، أمريكا تستشيره متى أرادت وضع ملف الشرق الأوسط في كفة ميزان وخيبتها في الفتنام وأفغانستان و العراق في كفة أخرى ، العالم الإسلامي يعلم من هو جده الأكبر ومدى الوقار الذي يكنه لذكراه ، إسرائيل تخشاه ولولى ذلك لما سعت بكل الوسائل احتضانه وحينما تعبت من دهائه ابتعدت عنه ولو لحين ، إذن لما التقوقع والاكتفاء بالمراقبة الشديدة وتحصين بعض المواقع المرشحة للانفجار، لو دنت لحظات الدمار، حفظ الله الحي القيوم ذو الجلال والإكرام الأردن الحبيب منها ما بقيت الأرض أرضا إلى يوم النشور ، لما الاكتفاء بإعداد العدة ، وبعدها الانزواء ؟ . الأمر غاية في الخطورة ما دام "بشار" في النزع الأخير لا يهمه ملك أو وزير أو فراش "غفير"، مع كرسي حكمه منصهر ينام فوقه ويصحوا عابدا له منصوب فوق جماجم القتلى ينظر يأمر وينتظر ، دقيقة بدقيقة متى عن سوريا بقوة الثوار الأحرار يطير.
... ألم تعلن إيران في عنترية وكبرياء أنها لن تسمح تحت أي ظرف كان، أن تقوم أي قوة خارجية بالتدخل في ضرب سوريا ؟؟؟، فماذا فعلت حينما عربدت إسرائيل بطائراتها فوق دمشق لتعود إلى قواعدها سالمة بعدما ضربت مباني عسكرية تابعة لبشار ؟ . من أرغمها على البقاء مكتوفة الأيدي ؟؟؟ . هل ثقل عمامتها المضيعة (في لف طولها على فروة رأس فخامة الفقيه ) لوقت اللحاق بتنفيذ عملية الصد ؟؟؟. أم أوقفها العجز المطلق على بدل أدنى حراك مكتفية بما يفعل الحمار حينما يشتد عليه الحنين للتخلص من أثقال لم يكن له في حملها أدنى اختيار ؟؟؟. وروسيا المدعية أنها لن تسكت على أي تدخل خارجي مسلح يعرض "بشار" للخطر ، وأسطولها المدجج بسلاح يحرس بقاء " المنهار " في الحكم حتى تتمكن من الاستجابة لكل شروطها ، ماذا فعلت أمام نفس الحادث سوى الصمت حتى على الكلام المباح ، ألم تضرب إسرائيل في ذاك الموقع صواريخ أرض جو من صنف "إس أيه 17" من صنع روسي والآليات الموضوعة فوقها ؟؟؟. أيعتقد البعض أننا أغبياء إلى هذا الحد حتى لا نفهم لتلك الرباعية وما تود الوصول إليه على حساب عالم عربي مقصود بين اختيارين موجود ، الإذعان المهان لدفع ما تحت اليد من ذخائر، نفطية وما ترتب عن جمع محاصيلها التي لا لتوسيع وتضخيم أرقامها حدود ، أو العبث بكراسي حكمها لتصبح رغم وقارها تحفة موضوعة في متحف يحج إليه تارة الأسود ، وأخرى القرود للتفرج على خيبة أمل فيما كان عليه العرب وما أصبحوا بفرقتهم يذرفون الدمع على الأطلال والعذاب بينهم والنهاية ممدود .
يسايرون ما ظنوا المنفذ ولو الضيق لتحريك صراخهم عبر أكثر من قناة اختص "بشار" ابتزازها بحجة محاربة الإرهاب، وهم يرتكبون خطأ اكتساب غضب من على الأرض يسقون تحريرها شبرا شبرا بالعرق وأحيانا بالدم في "وقت" يتحكم في الصامدين لإنهاء ما ابتدؤوه لغاية طرد رائحة النظام الذي حول لحوم السوريين الأحرار لتتطاير عبر مساحة الوطن بكيفية استحق عليها "عمدة الطغاة" كلقب .
يتتبعون المناسبات لينشروا بحضورهم فيها جميعها إن استطاعوا لذلك سبيلا فلسفتهم القائمة على الفرق بين إنسانيتهم وهمجية ذاك الرئيس البئيس الفاقد الشرعية منذ قتل أول مواطن سوري بغير موجب حق ، وما انتبهوا أنهم بذلك يمنحونه قيمة لا يستحقها على الإطلاق .
يحاولون بما شرحوه في لقاءات منفردة أثناء انعقاد مجلس الأمن القومي أنهم الند للند سياسيا ، وأن سوريا في شخصهم مستعدة للدخول في مرحلة جديدة يقبلها العالم بشطريه الغربي والشرقي، ونسوا أن الغرب غرب والشرق شرق وهيهات أن يلتقيا ، ولو تم ذلك لعم الاتفاق العرب مع بعضهم البعض وتبددت المقولة المؤسفة "اتفق العرب على أن لا يتفقوا". لذا نصيحتي لهم أن يلازموا مكانهم حيث وجدوه آمنا وينسوا أن دولة عظمى ستتبنى قضيتهم بالمجان ، وإذا كان عليهم التزود باستشارة تخرجهم من أي مأزق وضعوا أنفسهم فيه عن حسن نية ، أن يتوجهوا للملك عبد الله الثاني ، بالتأكيد سيستقبلهم بالأحضان كما استقبل ما يقارب 200.000 سوري التجؤوا للحنونة الأردن هربا من جحيم حرب ضروس يشنها "بشار" عليهم ليخلد فوق كرسيه الملطخة زخارفه بدماء الشهداء ودموع المظلومين وهم بالآلاف ، أو أن يدخلوا لوطنهم المنكوب بما للكلمة من معنى ويتجولوا على أرض الواقع برفقة الأبطال جنود وجنديات الجيش الحر ليدركوا ساعتها مع من يريدون التحاور ، وحتى لو فرضنا أن الحوار تم هل يقبل "بشار عمدة الطغاة " بسواه بديلا لزعامة النظام ، وبالتالي هل سألوا أنفسهم لما قتل "المعني" ما يقارب السبعين ألفا من الشعب السوري ؟؟؟ ، أمن أجل ترك ذاك الكرسي الملعون بعد جولة أو ألف جولة من الحوار الهاديء البعيد عن التشنج وبنادق روسيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا والصين والأرجنتين وخزائن بعض أعضاء الجامعة العربية . لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
... ملك الأردن ، رئيس أمريكا أوباما في الطريق إليه ضمن جولة يقوم بها تشمل فلسطين وإسرائيل والأردن. وإنها لمقابلة تاريخية تتميز بما سيتمخض عنها من تفسيرات لسيناريو تتزعم أمريكا تشخيص حوارات متقمصيه جميعهم وفي أوان متفق عليه ، وإنها لعملية تضرب ما رُوج له عرض الحائط ، وتعيد الطرح بمفهوم جديد يلعب فيه ملك الأردن ما هو مؤهل القيام به بما يتمتع به من بعد نظر وحسن تقدير الأمور المصيرية من الحجم ذي البعد الشرق الأوسطي الجديد المختلف تماما عما تخيله بعض المحللين الجيواستراتيجيين وبخاصة العرب منهم ، وقد وصل الملك عبد الله الثاني إلى هذه المرتبة بفضل الشعب الأردني العظيم الذي أظهر في زمن لم يعد للصمت فيه عشاق ،أنه يستحسن تعليق غسيله على جدران إقاماته الرسمية المحلية، وإن صرخ في مسيرته كانت صرخة عقلاء يدركون أن الوطن فوق الجميع وحرصهم الشديد على تجنيبه ما لا يُحمد عقباه ما يؤكد أن المقصود القضاء على الفساد أينما كان وكيفما كان لا أقل ولا أكثر.
مصطفى منيغ*
مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية
عضو المكتب السياسي لحزب الأمل
صندوق بريد 4613 / الصخيرات / المغرب
mmounirh@laposte.net