يحلو لكثير من المغاربة إطلاق صيحات التهكم من كل نداء تطلقه جماعة العدل والإحسان وتتوعد فيه بالثورة، ويتنابزون فيما بينهم على صفحات المواقع الاجتماعية طالبين العفو والعافية للثورة زوجة الثور، والتي من فرط ما استعملت في خطابات العدل والإحسان أثارت غضب زوجها الثور الذي ربما أصابته حالة من الغيرة. في كل مرة يفتح فيها فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام للجماعة، الذي اتهمه كثير من أعضاء الجماعة بسرقة الحركة خاصة بعد وفاة شيخه الذي رفعه لأسباب لا يعلمها إلا هو إلى درجة الإمام، لا يجد إلا كلمة الثورة يتشدق بها، وكأنه تحول إلى وصي على المغاربة، والواقع أن الجماعة عانت بعد وفاة زعيمها من حالة تيه متقدم، وفقد كثير من أعضائها بوصلة الطريق، فتاه من تاه، وفقد من فقد، ولم يعد من شغل لأرسلان والدائرين في فلكه سوى إطلاق الكلام على عواهنه، ولأن الرجل القوي في جماعة ياسين التي تم توزيع تركتها بين الأصحاب والأحباب، شعر أن المغاربة ملوا كلامه ولم يعد يؤثر فيهم، فإنه فضل التحول نحو أمريكا، وإعلامها الذي نعرف أن أرسلان يريد فقط أن يوجه من خلاله الرسائل المشفرة. يقول أرسلان الذي تمرد على كل الأعراف والقوانين التي تنظم عمل الجماعة، وفرض مجلسا على المقاس يمكنه التحكم فيه كما يريد، بعدما أبعد عائلة زعيمه الروحي ووضعها في "كراج الجماعة"، إن الأمور عادت في المغرب إلى ما قبل "الربيع العربي"، وذهب الفقيه السياسي والخبير العالم، إلى حد التحذير من احتمال اندلاع ثورة شعبية، وهي الثورة التي لا يمكن أن تحدث إلا إذا صبت عليها العدل والإحسان زيتها الذي يغلي، خصوصا أنها اليوم شعرت بكثير من اليتم، وتحولت إلى مجرد يافطة تضم أشخاصا بعضهم يبحث عن سكن راق في العاصمة الرباط، وآخرون يوزعون تركة الزعيم في انتظار القومة التي مازال يحلم بها أرسلان، لكنها قومة يريدها أن تأكل الأخضر واليابس وتأتي على رؤوس المغاربة أجمعين. ولأن أرسلان لا يملك الحقيقة كاملة، ويعتمد النبوءات تماما كما كان يفعل زعيم الجماعة، الذي ظل عقودا من الزمن ينتظر القومة، فإنه رفض أيضا هذه المرة التنبؤ بموعد للانفجار الشعبي الذي توقعه، مفضلا الحديث عما اعتبرها أسباب تمهد للانفجار، وهي أسباب حتى إن وجدت فإنها لا يمكن أن تكون ممهدة لما يريده أرسلان ويحلم به، فقط لأن المغاربة لا يمكن لهم، وهم يعاينون ما آلت إليه الأوضاع في تونس ومصر، أن يسلموا البلد لمتآمرين ينفذون أجندات خاصة ولا تعنيهم من البلاد إلا ما يمكن أن يحققوه من مصالح ومزايا وتلك طامة العدل والإحسان وخطيئتهم الكبرى.
النهار المغربية.