|
|
|
|
|
أضيف في 11 فبراير 2013 الساعة 37 : 06
مصطفى منيغ* ملك الأردن أحد القلائل العارفين في العمق المسمى بشار الأسد ومن فترة طويلة ، لذا ما جاء على لسانه من تصريحات تدخل في هذه الخانة ، إن لم نقل أنها أبعد من ذلك تضع النقط على بعض الحروف كرسالة صريحة موجهة لمن يهمهم الأمر بكل تفاصيله المؤدية لاختيار السبيل الأوفر حرصا على انتقاء الأفضل للخروج من الأزمة السورية بسلام . بالتأكيد للملك خبراء على مستوى عالي من التكوين الأكاديمي والتجربة للتعاطي مع الملفات الشائكة بما يلزم من تحليلات علمية ترتكز على عنصري الإحصاء بكل مكوناته ومقوماته والمعلومات الصحيحة حول ما يجري فوق أرض الواقع خطوة خطوة من حيث المكان ودقيقة بدقيقة إذ للزمن اعتبار لا محيد عنه لأسباب لوجستية صرفة ، بالتأكيد له ما ذُُكر ومع ذلك يعتمد على نفسه حينما يكون لما يصرح به من ارتباط وثيق ومستقبل الأردن خاصة في هذا الظرف الذي يتطلب من الملك جهدا غير مسبوق إذ انضافت للهواجس الكائنة المتربعة وسطها إسرائيل بمحاولتها الرامية إلى دفع الفلسطينيين للتفكير في الأردن كوطن بديل وما راج في كواليس الموساد حول الموضوع من ترتيبات لا زالت تراود الفكر الصهيوني للتقدم العملي صوب خوض معارك مهما كان الثمن المُؤَدَّى غاليا لا يطاق، المهم أن تنصاع المملكة الهاشمية أو التيهان كمصير معلق بمواجهتها حروبا قذرة لإسرائيل الباع الطويل فيها . قد يكون لتصريحات الملك الأردني ارتباط بتليين الأجواء كما تريد إسرائيل حفاظا على بقاء بشار حتى لا يضيع منها كما ضاع حسني مبارك ، على الأقل لمدة ستة شهور لتتمكن من تنظيم نفسها استعدادا للدور القادم لعبه مع الثوار الجدد وقد آل أمر حكم سوريا الحرة لهم . إسرائيل ترغب في بقاء حليفها من تحت الطاولة بشار الأسد لمدة زمنية محددة بالدقيقة في شهور ستة ،حتى تسترد أنفاسها بعد الإجهاد الملفت للنظر الذي سببه لها الرئيس عباس حينما انتزع الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة ولو بصفة ما وصف المقام بها في هيأة الأمم المتحدة ، وكان ذلك بمثابة صفعة مدوية على وجوه حكام بني صهيون وكيانهم منذ استحداثه إلى الآن ، من تبعياته ما حصل في غزة من تلاحم بين الفلسطينيين وهم يحتفلون بذكرى منظمة فتح كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ، الآن تحاول إسرائيل استرجاع ما خسرته ولن تهدأ حتى تتمكن من ترميم بيتها السياسي كما تفرض عليها ذلك التحولات الطارئة على المنطقة بفضل عزيمة الأحرار في سوريا العزة والمجد . ملك الأردن يمسك بمحرار زئبقه لا يقيس نزولا وصعودا حرارة أو برودة المواقف المعاشة يوميا بالمنطقة وحسب ، وإنما بذكاء يحركه للإبقاء عليه مؤشر توازن حتى لا تطغى كفة على كفة تنتهي بانفجار يأتي على اليابس والأخضر، ليس من السهل القيام بمثل العملية لولا الحاجة الماسة في دفع العدوى لتظل الأردن في مأمن عن سلبيات ربيع وروده قبل أن تتفتح لبث شذاها على أنوف المتعطشين لاستنشاق عبير الحرية امتدت لها أيادي المتصارعين على احتلال كراسي السلطة لتتحول إلى خريف مشوه كما هو حاصل في مصر حاليا . ... شخصيا أقدر اجتهاد ملك الأردن ، خاصة وهو أقرب حكام المربع القابل لأي طارئ تسببه طهران . الأقرب من حيث الإمكانات المادية الجد متواضعة ، يكفي الإطلاع على الموازنة العامة للدولة لنصرح أن أجمل وأقوى ما في الأردن شعبها الأصيل العظيم، نساء ورجال كقمم الجبال شامخة مهما كان الحال، وهنا تكمن محاسن الاحترام المواجه به الأردن من الجهات الأربع . على الملك أن يفتخر بهذا أما بشار فإلى اندحار، بإسرائيل أو الجن الأحمر سيكون الخاسر الأكبر ، سينتصر الثوار ومن يشكك في ذلك مريض للنفس عن رؤية الحق أعور ، سوريا لا تحيا ربيعا أخضر بل زمنا الكلمة الأخيرة فيه للأحرار والشهداء الأبرار ، إنها الثورة بكل مسؤولياتها كاختيار ، فعلى العربيات دول الجوار ، أن تساهم بما استطاعت لمساعدة من غادروا سوريا الأصل والانتساب و الديار، والتجئوا إليها لكسر الحصار ، وإنها أيام عسر وينتهي مطاف الحزن وهول الدمار، ساعتها الأردن في أعين العالم ستكبر لحكمة ما تتوسط الأردن الشرق الأوسط ، ولقدرة مقدرة وُضعت هذه البقعة من الأرض الطيبة بين عبد الله الأول المؤسس للمملكة الهاشمية وعبد الله الثاني المشيد للحداثة بنفس المملكة ، وبين التأسيس والتشييد تكمن الإرادة على الاستمرار المستقبلي مهما كانت التحديات صرصارا تحجب الرؤية إن هبت في النهار و تضني الأسماع إن كان التوقيت ليلا ، أو طائرا فولاذيا يبيض في تحليقه بين الأجواء المعقدة التضاريس السياسية قنابل من الصنف الحارق لكل الاتفاقات الدولية إن كان المعتدي محصنا بحماية خاصة تقيه وهو متطاول على حرمات الغير لسبب لا داعي لتكراره كلما أردنا الحديث عن العرب من المحيط إلى الخليج. الأردن قيمته من تاريخه كشعب ساير وعاشر وأبدع حضارات باد منها ما باد وساد منها ما لحقناه لنتعلم منه أن التعايش السلمي القائم على روح التكافل الاجتماعي التلقائي قيمة مضافة نبيلة مهذبة مكتسبة بالتدرج في عمق تصرفات سلف صالح طاب به المقام حيث الماء كينبوع حياة وصحراء ملهمة الإقدام لكل من يتحرك للذود عن الكرامة والعرض بالطول كالعرض ، وتيك شيمة ورثها الجيل الحالي مزجها بالصبر عند المقدرة والتواضع عن قوة والحياء المعروف به المؤمن الشديد الإيمان المحب لله الرحيم بمن حوله متخذين إياه قدوة ونموذج الإنسان الأردني الحارس الشجاع على أرضه من جموع ضباع ترنوا إليها بأقصى مراتب الحقد والبغضاء تارة وأحيانا بأضعف النقائص كالحسد الأسود الناشد للأخيار الضياع . ما تدعيه إسرائيل وما تخططه بإخطبوطها الصهيوني لم ولن يجديها نفعا ، فلسطين الدولة تكفلت منذ مهرجان غزة (التاريخي الذي أدهش العالم لا بتنظيمه المحكم وحسب وإنما بالرسائل المهمة التي أبرقها واضحة لحامية إسرائيل قبل غيرها ، مفادها أن مرحلة السرية في التحرك الدبلوماسي انتهت ، وأن ملهاة سوريا حسب وصف "نتنياهو" لم تقلل من الإلحاح الفلسطيني في استعادة حقوقه كاملة ، وفي نفس السياق خير ما فعل "مشعل" رئيس الدائرة السياسية لحركة حماس بالابتعاد عن زمرة بشار وما يأتي منها أصلا ، والمهم والاهم وأهم الأهم صمود الرئيس عباس واستمراره في مسك زمام التدبير الفلسطيني في أحلك الظروف مستعينا بفتح المعترف بها دوليا وحتى اللحظة كممثل شرعي للشعب الفلسطيني . ) باعتماد خطة أربكت بداية تنفيذها واضعي إستراتيجية العدوان الإسرائيلي التقليدي وأحاطت عباقرة "صهيون"بتيار من الشكوك امتدت لاتهام "الموساد" بالقصور والتقهقر ، وأصبح المعول لدى إسرائيل الجلوس على طاولة المفاوضات مع دولة فلسطين للاتفاق ( وليس أمرا آخر على رسم الحدود وسن مبادئ العيش المشترك في سلام . الأردن بزعامة الملك عبد الله الثاني خارج بأقل خسائر ممكنة محافظا – إن استمر على نفس النهج على " وسطيته" المعهودة الجاعلة منه الرقم الصحيح في كل معادلة سلام تشهدها المنطقة برمتها . إذن الأردن حر في أخذ أي مسلك شاء إلا التعاون مع النظام السوري طيلة الشهور الستة المتبقية التي يدرك الملك الأردني بذكائه سرها بالكامل . (وإلى الجزء الثاني من هذا المقال ) مصطفى منيغ* مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية عضو المكتب السياسي لحزب الأمل صندوق بريد 4613 / الصخيرات / المغرب mmounirh@laposte.net
|
|
2521 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|