سعد الدين إبراهيم.
أثارت تصريحات الدكتور سعدالدين إبراهيم مدير مركز «ابن خلدون» في لقاء مع صحيفة «الوطن» المصرية، حالة جدلية كبيرة، خاصة فيما يخص علاقة الإخوان بالجيش وكواليس الثورة التى تم الإعلان عنها لأول مرة، وخلال الجزء الثانى من الحوار يواصل د. سعدالدين إبراهيم كشف المزيد من أسرار الإخوان وعلاقتهم بأمريكا.
وقال إن الإخوان ينكرون على الآخرين ما يستبيحونه لأنفسهم، فهم للأسف «بأكثر من وجه»، مؤكداً أن وسائق ويكيلكس ستفضح كافة تعاملات الإخوان مع أمن الدولة ومندوبى وعملاء أجهزة المخابرات الأجنبية.
وأن الميليشيات هى الصندوق الأسود للإخوان ولا يستبعد أن تكون هى «الطرف الثالث»، موضحاً أن أحد وزراء الداخلية السابقين قال له إن الإخوان والحمساويين أحرقوا 28 قسماً واقتحموا السجون أثناء ثورة 25 يناير.
• لماذا توترت علاقتك مع الإخوان إلى حد القطيعة التامة رغم أنك كنت داعماً لهم فى فترة حكم مبارك؟
- لأنى أعرف عنهم كل شىء وهم يخافون أن أكشفهم للرأى العام وهم لا يريدون أحداً يكشف هذه الأسرار، على كل حال هذا أمر متوقع وأتعامل مع موقفهم بمبدأ «اتق شر من أحسنت إليه».
• ربما لا يعرف البعض أنك كنت حلقة الوصل بين الأمريكيين والإخوان منذ عام 2003، فهل تكرر هذا الأمر بعد قيام ثورة 25 يناير؟
- نعم، اتصلوا من خلالى بالأمريكيين بعد قيام الثورة وطلبوا تحديداً الاتصال بكل من سيناتور جون كيرى (الحزب الديمقراطى) وسيناتور جون ماكين (الحزب الجمهورى) فهم يريدون فتح حوار مع التيارين.
• لماذا هم مصممون على التيارين معاً، ألا يفقدهم ذلك أحد التيارين لحساب الآخر؟
- هم يملكون وجهة نظر إزاء هذا التوجه وهى محاولة السيطرة على كافة الأطراف، وقال لى أحد قيادات الإخوان بكل صراحة حينما سألته ذات السؤال «إحنا عايزين نكون زى إسرائيل» الحزبان الديمقراطى والجمهورى يخطبان ود إسرائيل، والإخوان عندهم أمل كبير فى ذلك والوصول إلى تلك القوة الخارجية، فاندهشت كثيراً من كلامه واستغربت أن تكون إسرائيل بالنسبة للإخوان مثلاً أعلى، فقال لى «إن التكتيكات السياسية تستوجب ذلك».
• ألا يمثل هذا التوجه ازدواجية؟
- هو كذلك، بل إنى أذكر واقعة غريبة ربما تبين طبيعة تفكير الإخوان فى الأمور، ففى إحدى المرات اتصل بى خيرت الشاطر وطلب منى التوسط لكى تدخل ابنته الجامعة الأمريكية فى القاهرة، فقلت له مستغرباً: ألا تقول عليها جامعة الشيطان، قال we go for quality - أى أننا نبحث عن الكيف، فقلت له حتى لو كان ذلك فى جامعة الشيطان؟ فقال لى: «حتى لو كانت جامعة إبليس هادخلهالها».. وأعتقد أنها كانت رسالة واضحة فى أن معتقداتهم لا تتعارض مع المصلحة العامة.
• واجهت الإدارة الأمريكية هجوماً شديداً حول إنفاق أمريكا 1.4 مليار دولار لتأييد الإخوان، هم ينكرون ويقولون إن الجيش هو المستفيد.. أين الحقيقة؟
- هذه الأموال لم تذهب إلى الجيش وهم «يقدروا يقولوا أى حاجة» لكن الحقيقة أن 1.4 مليار دولار ذهبت إلى عملية التحول الديمقراطى، وتحديداً فى تدريب كوادر كثيرة جداً من كل الفئات بما فيهم الإخوان المسلمين، ففى كل تدريب تم لهذه الكوادر كان هناك فصيل من الإخوان المسلمين يحضرون، سواء كان ذلك فى مصر أو صربيا أو بلاد أخرى تم فيها عقد هذه التدريبات، لهذا أستغربهم كثيراً حينما يتهمون حركة 6 أبريل بالعمالة وهم كانوا معهم فى ذات التدريبات، خاصة التى كانت فى صربيا وهذا سر كبير لا يعرفه أحد، فالإخوان ينكرون على الآخرين ما يستبيحونه لأنفسهم! فهم للأسف «بأكثر من وجه».
• 30 شخصية إخوانية سافرت إلى أمريكا قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة، هل لديك أى معلومات عن كواليس هذه اللقاءات؟
- ذهب الوفد الإخوانى إلى كل من يهمه الأمر فى واشنطن، سواء كان هذا الشخص فى البيت الأبيض، الخارجية الأمريكية، الكونجرس، البنتاجون (وزارة الدفاع)، مقر المخابرات المركزية الأمريكية CIA، بعض الصحف الأمريكية ذائعة الصيت (واشنطن بوست، نيويورك تايمز، هيرالد تريبيون)، بعض المراكز البحثية المتخصصة مثل (فريدوم هاوس وكارنيجى) ذهبوا إلى كل هذه الأماكن، وكانت الرسالة واحدة للجميع وهى أن الإخوان لن يمسوا المصالح الأمريكية بسوء، بل على العكس نحن منفتحون لتعظيم المصالح المشتركة.
• من كان وراء ترتيب هذه اللقاءات؟
- خيرت الشاطر، لكنه لم يكن موجوداً.
• ألم يتعرض أى من أعضاء الوفد إلى مواقف محرجة أثناء الزيارة؟
- هذه الزيارة لم يحدث بها شىء، لكن زيارة عصام العريان وعصام الحداد الأخيرتين لأمريكا كان بهما الكثير من الحرج ضد جماعة الإخوان المسلمين، فلقد قامت 3 مظاهرات ضد الإخوان فى نيويورك وحدها، ومقاطعة لهم فى العديد من الأماكن التى أرادوا زيارتها.
• كنت أول من فتح قنوات الاتصال بين أمريكا والإخوان منذ عام 2009 فمن كان مهندس هذه المفاوضات من جانب الإخوان؟
- خيرت الشاطر وعصام العريان؛ لأن كليهما كان معى فى السجن وكانا جزءاً من الحوارات السياسية التى فتحناها مع الأوروبيين منذ بداية عام 2003 فى النادى السويسرى فى إمبابة وحدث ذلك 3 مرات، أما لقاءاتهم مع الأمريكيين فقد تأخرت قليلاً لأن السفير الأمريكى بالقاهرة لم يستطع الحصول على تفويض من واشنطن للسماح له بمقابلتهم، فقد كانت أحداث 11 سبتمبر ما زالت تؤثر على القرارات الأمريكية، لكنه كان صديقاً للسفير البريطانى، الكندى، الاسترالى الذين يجتمعون بالإخوان، ثم يجلس السفير الأمريكى معهم لمعرفة نتائج هذه الحوارات.
• ما أهم النقاط التى كانت تدور حولها هذه الحوارات المشتركة؟
- 3 نقاط أساسية كان يدور الحوار حولها وهى إذا ما وصلتم إلى الحكم ماذا سيكون موقفكم من كل من «القوى الغربية - أجندة الإخوان الداخلية وتحديداً موقفهم من غير المسلمين وموقفهم من المرأة وحرية الإبداع والثقافة - موقفهم من معاهدة السلام وإسرائيل..» وكان الأوروبيون والأمريكان يردون «بناء على إجابتكم سيتم تحديد مدى شرعيتكم وقبولنا لها».
• هذا يعنى أن الإخوان بدأوا فى الترويج لعملية انتقال السلطة إليهم مبكراً؟
- هذا ليس توقيتاً مبكراً فى عالم السياسة، ففى السياسات الخارجية يوجد دائماً فريق متخصص بالتفكير الاستراتيجى لاستطلاع الخطط المستقبلية التى تمتد لثلاثين سنة، والأمريكان يملكون هذه الخطط منذ السبعينات.
• هل صحيح أن خيرت الشاطر كان له كود سرى لدى الإدارة الأمريكية؟
- كل شخص يتعامل مع الإدارة الأمريكية أكيد له كود سرى يتم تعريفه من خلاله لدى صناع القرار الأمريكيين.
• تردد أن الشاطر كان يتخذ قرارات فردية فى علاقته بالإدارة الأمريكية وهو ما دفع بالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح إلى الانشقاق عن الجماعة اعتراضاً على سياسة الشاطر.
- انشقاق أبوالفتوح كان لتعارض المصالح وتصادمها بين الاثنين فطموحاتهما الشخصية كانت متصادمة، كلاهما كان نجماً صاعداً ولكل منهما شعبية كبرى وأنصار داخل الجماعة وتحديداً من شباب الجماعة، وكان هناك صراع مكتوم بين الاثنين وانتهى الأمر بأن فاز خيرت الشاطر فى هذا الصراع.
• من «السر الكبير» فى علاقة الإخوان المسلمين بأمريكا الذى تحدث عنه القيادى الإخوانى السابق ثروت الخرباوى فى كتابه الأخير دون ذكر اسمه صراحة؟
- هناك 3 أو 4 شخصيات مرشحة لهذا اللقب.. لكنى لا أستطيع الإفصاح عنه.. قولى أنت الاسم وأنا أجيب بنعم أو لا.
• هل هو الدكتور محمود عزت؟
- (بعد أن صمت برهة).. نعم.. هو الرجل الأخطر داخل الجماعة وهو «السر الكبير» أو «اللغز الكبير» فى علاقة الإخوان بأمريكا.
• ماذا تعرف عنه شخصياً؟
- لم ألتقه كثيرا، ولكن انطباعاتى عنه أنه رجل صامت صامد