تحاشى فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، أن يضرب موعدا لقيام "الثورة" التي يحلم بها، كما فعل الراحل عبدالسلام ياسين، الذي بشّر بـ "القومة"ـ وحدد لها موعدا، فخانته الرؤية، واكتفى بالقول إن أسباب "الثورة" موجودة، من دون أن يقدم سببا وجيها واحدا، غير إدعاء الهيمنة الكاملة للملكية، وكأنه كان لحظة التعديلات الدستورية الأخيرة في غيبوبة كاملة، وكذلك كان بالفعل، لأن الجماعة قررت المقاطعة، ولم تكلف نفسها عناء قراءة النص الجديد، لأنها صاحبة مواقف جاهزة، وأحكام مسبقة، ولأنها لا ترضى عن "القومة" أو "الثورة" بديلا مهما كان عمق التحولات التي اختارت البلاد السير فيها...
ولم يقدم فتح الله أرسلان المؤشرات التي تجعله يجزم أن الأمور عادت إلى ما قبل "الربيع العربي": هل هي الصلاحيات الواسعة التي خولها الدستور الجديد لرئاسة الحكومة أم الانتخابات السابقة لأوانها التي أصعدت حزبا إسلاميا إلى الحكم، وها هو اليوم يتجرع "مرارة" تحمل المسؤولية، ويشرف على تنزيل الدستور الجديد الذي منح للمغاربة ما لم يمنحه إسقاط نظام بنعلي في تونس، التي دخلت زمن الاغتيالات السياسية، وما لم يعطيه سجن مبارك في مصر، حيث تحول ميدان التحرير، الذي انطلقت منه شرارة "الثورة" في قلب القاهرة إلى سرير للاغتصاب والاحتجاج على الرئيس مرسي الذي أراد أن يحكم البلاد بكل ديكاتورية التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
ومع ذلك لا أحد يستطيع أن ينكر أن أسباب الثورة موجودة ومتوفرة بكثرة في قلب جماعة العدل والإحسان، التي انبثقت من داخلها العديد من الثورات الصغيرة سواء من خلال "حركة أشبال العدل والإحسان لنصرة الصحبة" أو من خلال سيل الاستقالات في قطاع النساء للإفلات من القبضة الحديدية لمجلس الإرشاد، الذي تخلى عن الطابع الدعوي للجماعة كما رسمه الراحل ياسين في كتابه " المنهاج النبوي"، واختار دق أبواب العمل السياسي تنفيذا لأجندة، لا تأخذ في حسابها مصالح الشعب، بقدر ما تلهت وراء تلبية رغبات أوليات النعمة الأمريكيين الذين اختار فتح الله أرسلان أن يدلي لوكالة تابعة لهم بهذا تصريح.