بقلم محمد أبويهدة.
في الدول التي عاشت زوبعة «الربيع» العربي، تشكل اليوم جماعات السلفية الجهادية وما انبثق عنها من أحزاب وهيآت، ورقة سياسية تلعب بها الأنظمة الاسلامية الحاكمة بامتياز، بالرغم من صعوبة ترويض هذه الجماعات التي تتخذ التقية منهجا لها.
تقيتها تتضح بجلاء عندما تحرم، تارة، الديموقراطية والانتخابات وكل ما يأتي من السياسة، وتحلله، تارة، لتبرير ما تحصل عليه من «غنائم»!
هل يسير المغرب على خطى هذه الدول التي لم تجن من الربيع سوى أشواكه لحد الآن؟
دواعي هذا السؤال تأتي بعد الوثيقة التي يروج لها حوالي 400 سلفي وراء القضبان ممن يدعون مراجعة أفكارهم بخصوص العنف والقتل والتكفير بلغة ملتبسة. والظاهر أن الحركة السلفية ومن يحركها من الاسلاميين اكتشفوا أنه لكي يكون ظهر «الرئيس» محميا كما في مصر، مثلا، لا بد من احتياطي كبير من السلفيين مستقبلا لتشكيل هيآت وأحزاب تعزف لحن الديموقراطية التي يختزلونها في صناديق الانتخابات، وبالتالي الاستمرار في هذه اللعبة المقيتة. هكذا يظهر حقا المستفيدون الحقيقيون من «الربيع» عوض المواطن الذي ظلت الأنظمة الديكتاتورية تجلده ردحا من الزمن.
الظاهر أن ما يقع في بلداننا حاليا هو محاكاة حقيقية لما تعرفه الطبيعة في هذه الفترة بالذات من كل سنة، والتي نجح بدويونا وفلاحونا في وصفها بدقة عندما سموا هذه «المنزلة» بسعد الخبية.
في هذا يقول السابقون: «في سعد المخبية تفرح المربية وتخرج المخبية». وسعد الخبية لمن لا يعرفها هي فترة من أجمل فصول السنة ظاهريا، فيها تزهر الورود ويبدأ الجو في استعادة دفئه بعد «سعد الولدة» الذي تصل فيه البرودة إلى «الكبدة» على حد قول أجدادنا. لكن يرافق هذا الجو الجميل الذي وصف ب«الربيع العربي» خروج كائنات زاحفة وطائرة من مخابئها إلى نور الشمس، مسببة لعامة الناس لسعات تحرمهم من التمتع بالربيع الحقيقي.