بدأ الرئيس المصري محمد مرسي وحكومة " الإخوان المسلمين" تفقد زمام السيطرة على الأوضاع في بلاد الكنانة التي تسير، بكل ثقة، نحو تفكك الدولة المركزية، وذلك بسبب تصاعد حدة الاحتقان الاجتماعي، والغضب الشعبي الذي تتسع رقعته يوما بعد آخر.
فبعد معركة الدستور التي ربحها الرئيس مرسي انتخابيا ، لكن خسرها شعبيا، لأنها كشفت عن طبيعة الحكم الذي يريد "الإخوان المسلمون" فرضه على المجتمع، وبعد الأحكام التي صدرت في حق مسببي مجزرة بور سعيد التي أعقبت مباراة في كرة القدم، وبعد التعويض الهزيل التي تم تخصيصه لأهالي الضحايا، أعلن سكان بور سعيد الذين تجمع الآلاف منهم في ميدان المنشية الجمعة، في بيان تمت تلاوته، عن استقلال بور سعيد على مصر، وهتف المتظاهرون بـ "الروح والدم نفديك يا بورسعيد".
ما تعيشه مصر هو نتيجة طبيعة لاختيارات ما بعد الربيع العربي، الذي أثمر صعود الإسلاميين إلى الحكم من دون أن تكون لديهم الخبرة أو التجربة أو القدرة والكفاءة اللازمة لتدبير شؤون الحكم، ولا الرزانة والتعقل الذي يقتضيه تحمل مسؤولية من هذا الحجم... لأن ممارسة الحكم ليس مجرد إطلاق شعارات أو بالونات اختبار في السماء كما تفعل العدالة والتنمية في المغرب مثلا أو كما تعتزم القيام بذلك بالفعل، من دون أن تفكر في العواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب عن سياستها، خاصة في ما يتعلق بالقوت اليومي للمواطنين.
لقد أعلنت الحكومة مثلا أنها قررت إلغاء صندوق المقاصة، لأن جزء من الدعم المخصص له يضل الطريق وتستفيد منه الأسر المتوسطة الدخل أو الميسورة، لكنها لم تحدد المعايير التي على أساسها سيستفيد 2 مليون فرد من إعانة شهرية بمبلغ 1000 درهم، ولم تخمن في ماذا يمكن أن يكون رد فعل الذين لن يتوصلوا بأي مساعدة، ولكنهم مع ذلك سيتحملون الزيادة في أسعار البوطاغاز والمحروقات والدقيق... فهل ستجنح الحكومة " الملتحية" إلى العمل بالمثل الشعبي " مايه ومايه تخميمة أولا ضربة بمقص" أم ستستمر في المزايدات الفارغة، حتى تجني العاصفة، لأن " زارع الريح لا يحصد إلا العاصفة".