|
|
|
|
|
أضيف في 31 يوليوز 2011 الساعة 43 : 11
هل ستظل حركة 20 فبراير في مواجهة مع الفصل 19 الذي دفنه دستور 2011، علما أن جماعة العدل والإحسان- حسب ما صرح به أعضاء من داخل الحركة- هي أيضا فصل 19 متحرك على الأرض، تخرج للتظاهر في المسيرات الاحتجاجية، دون أن يسائلها أي أحد أو أن يفتح نقاش عمومي معها حول «ماذا تريد؟»، فمن حق المغاربة اليوم أن يعرفوا ماذا يريد كل طرف، كي لا يبقى هناك لبس وغموض..
غابت «جماعة الشيخ ياسين» عن اللقاء التقييمي الذي نظمته تنسيقية حركة 20 فبراير بالدار البيضاء، يوم السبت 16 يوليوز 2011 بمقر الاشتراكي الموحد، إذ لم تحضر سوى ممثلة واحدة للجماعة بشكل جعل الحاضرين ينتبهون إلى أن جماعة العدل والإحسان كلما عقدت حركة 20 فبراير محطة للنقاش إلا وتتهرب الجماعة من الحضور عكس ما يميزها حينما يهم الأمر الجموع العامة التي يتم فيها تسطير المسيرات والوقفات، إذ تنزل جماعة العدل والإحسان بكل ثقلها في هذه الجموع.. هذا الغياب قال بشأنه الشاب، أمين مقدم، الذي كان يسير هذا النقاش التقييمي، «إن هناك طرفا غائبا، ونحن سنعتبرها رسالة، وعلى هذا الأساس سنتعامل مستقبلا». عن هذا الغياب أوضح يساريون لـ «الوطن الآن» أن سلوك العدليين يدفع إلى فتح باب التساؤل على مصراعيه: لماذا يغيب هؤلاء في لحظات النقاش والتقييم ويحضرون في لحظات المواجهة والنزول إلى الشارع؟ لماذا يقفون في وجه أي نقاش يطرح عمق القضايا السياسية والقضايا الحراكية التي تطرحها حركة 20 فبراير؟ وقال عضو بالحزب الاشتراكي الموحد، فضل عدم الكشف عن اسمه، إنه بات من الجلي، ولكل من يعرف التفاصيل، أن العدل والإحسان، التي التحقت بالحركة -لأنها لم تكن هي الأصل فيها- تدفع اليوم في اتجاه التأزيم وتكريس خطة النزول إلى الشارع. والحال أن تحولات كبيرة وعميقة طرأت على الساحة المغربية. وهذا معناه -يضيف محاورنا- أن المسيرات الاحتجاجية أصبحت غاية في حد ذاتها بالنسبة لجماعة الشيخ ياسين، لأنها مجال لاستعراض القوة تحت غطاء حركة شبابية تحظى بدعم واسع من قبل الديمقراطيين، بما فيها بعض الأحزاب الحكومية واليسارية. ولاحظ عضو في حركة 20 فبراير حضر اللقاء التقييمي أن «العدل والإحسان»، إضافة إلى «النهج»، كانت دائما تطرح القطيعة بدون ممارسة التفكير العقلاني فيها. وعندما نقول لهم بأنه ينبغي الجلوس للنقاش، كانت الفجوة الأولى التي يتسللون منها هي: «نحن حركة احتجاجية ولسنا حركة إنتاج الأفكار والمقترحات السياسية». وهو ما نعتبره نوعا من التهريب، لأنه لا يمكن أن تكون حركة احتجاجية ولديها أرضية لم يجر أي نقاش حولها، ولا أي نقاش حول كيفية تعامل الأطراف المسؤولة في الحركة». وأضاف: «اليوم انتهى الاستفتاء الدستوري. تمت المقاطعة وتم التصويت، هذا مع كل تلك الكوارث التي اختلقتها الدولة، إذ ادعت أن 98 في المائة صوتت عليه. لكن مقابل هذا الادعاء، قالت الحركة «لا» وقررت النزول إلى الشارع.. وأصبح الأمر مطروحا على الشكل التالي: «إلى أي حد يمكننا الذهاب؟ وما هو العمق الاستراتيجي الذي أصبح الآن يشكل عصب الحركة؟ وما هي المعطيات الجديدة بعد هذا التصويت؟ هذا هو الذي ينبغي أن تنشغل به الحركة، وليس الاكتفاء بحرب الشوارع مع أزلام بعض المنتخبين الذين من مصلحتهم بقاء الوضع على ما هو عليه».
تعقيد التحالفات
وذهب متتبع آخر المذهب نفسه حين اعتبر أن الحركة ينبغي أن تنتقل إلى مرحلة ما بعد الدستور بدل الاستظلال بشعارات «مامفاكينش» و«الدساتير الممنوحة في المزابل مليوحة»، أي متابعة ما تم الادعاء به من طرف الدولة على مستوى التطبيق: هل سيتحقق، أم لا؟ فمثلا الحركة الاتحادية أصبحت، الآن، تقول إننا دخلنا إلى زمن الإصلاح السياسي ومتابعة القوانين الانتخابية؛ وهذا يجعلنا نطرح تساؤلات من قبيل: في أي اتجاه نحن سائرون؟ هل في اتجاه تنظيم ما يسمى بالعصيان المدني، أم ممارسة السلطة الرقابية وتنظيمها على المستوى المدني؟». وعن سؤال طرحته «الوطن الآن» على عضو من حركة 20 فبراير حول غاية جماعة العدل والإحسان من النزول إلى الشارع، قال «إن جماعة ياسين عندها القومة، وطرحها كلاسيكي.. وعندما يقولون بأنهم منضبطون للأرضية التأسيسية التي قامت عليها حركة 20 فبراير، فبأي معنى سيتحقق هذا الانضباط، خاصة وأنها تطرح دولة الخلافة؟ إن هؤلاء -وحسب ما لاحظناه- عندما يقدمون تنازلا لا نجده منبعثا من أجهزة الجماعة، بل إن الأمر يتعلق فقط بتصريحات أفراد من أتباعها يقولون إنهم يلتزمون بالدولة المدنية. والسؤال هو ماذا تعني الدولة المدنية بالنسبة إليهم؟ ما هو تصورهم لها؟ عن أي دولة مدنية يتحدثون؟ إن الدولة المدنية في عرفهم واضحة وبدون مواربة ونقرأها في كل كتب الشيخ ورسائله، وهي دولة إسلامية تشمل المنطقة برمتها.. فهم لم يعودوا يفكرون في مسألة المغرب، بقدر ما يحملون مشروع دولة الخلافة المتسعة. فالدولة عندهم هي دولة الخلافة، وليس كما نقول نحن فصل الدين عن الدولة وتحقيق ما يسمى بتوازن السلط، وهم ليسوا معنيون، ولا من مصلحتهم الدخول في نقاش يطرح المسألة الديمقراطية في البلاد، لأنه ليس لديهم مشروع مضاد، فهم لا يملكون هذا المشروع، وبالتالي يراهنون على أركان خارج الواقع المغربي، وخارج مبدأ التعددية السياسية والمذهبية». وانتبه عضو آخر بالحزب الاشتراكي الموحد إلى التعقيد الذي تتميز به التحالفات داخل تنسيقية حركة 20 فبراير الدار البيضاء. فـاليوم -يقول- هناك طرف ثالث يتورط مع جماعة العدل والإحسان، وهو حزب الطليعة، أما مناضلو حزب النهج فهم متقاربون معها من حيث أنهم يندرجون في خانة التطرف اليساري في حين أن العدليين يصنفون في خانة التطرف اليميني. فالطرفان إذن (العدل والنهج) يلتقيان موضوعيا.. وهو لقاء الثعالب، حيث أن الطرف الذي سيتقوى سيدمر الطرف الآخر.. وهذا هو منطق السياسة القديم. ولكن الطرف الأساسي والمهم داخل حركة 20 فبراير -وأنا أسميه الطرف الإصلاحي الثوري العقلاني الذي يحسب ميزان القوى والذي يدقق- ساهمت الدولة في إضعافه. لماذا؟ الجواب هو: حتى تظهر الدولة للجميع أن الحركة فيها فقط العدل والإحسان والنهج. أما عن التلاقي الحاصل بين الطليعة وبين العدل والإحسان، خاصة في الدار البيضاء، فإنه يرجع إلى حسابات صغيرة لبعض مناضلي الطليعة الذين يعتبرون أن الآخرين يمكنهم أن يكونوا احتياطا انتخابيا في محطات، إما قطاعية مثل قطاع المحاماة (مثلا في الدار البيضاء يتزعم هذا الجناح المتحالف مع العدل والإحسان الشنتوفي) أو تشريعية، ذلك أن الخروج، اليوم، في سيدي عثمان واسباتة، مرده إلى أن حزب الطليعة، وقبل الانفصال عن الاتحاد الاشتراكي في بداية الثمانينيات (1983)، كان يعتبر سيدي عثمان واسباتة من قلاعه المنيعة»، وفق ما قاله محدثنا.
الخوف من الابتذال
وقد سجل اللقاء التقييمي حول الجموع العامة، وهل هي مجالات ديمقراطية لاتخاذ القرار أم لا؟ وهل يقتصر العمل فقط على النزول إلى الشارع، أم نزول لبناء مؤسسات الدفاع المدني والنقاش المدني في الأحياء، من أجل تحويل الحركة من حركة نخبوية إلى حركة ذات عمق شعبي؟ وما هي القضايا الأساسية التي يمكن طرحها مع الناس، هل من المدخل الدستوري، أم من مدخل ما يمارس في التدبير اليومي في حياة الناس، في أحيائهم وفي أمكنة تواجدهم؟ هل ستستغل الحركة بعض المناطق المعتمة لهذا الدستور القائم، فتعتبرها نقط انزلاق من أجل توسيع دائرة الاحتجاج من أجل إعطائها عمقا سياسيا أكبر؟ هل ستعمل على فتح مناطق التناقضات داخل النص الدستوري، بين النص والممارسة؟ وظل التخوف الذي طبع مجمل النقاشات هو: إذا كان الطرف الغائب (العدل والإحسان)، إضافة إلى مناضلي النهج والطليعة، يحرمون الحركة من إمكانية توسيع دائرة المناقشة، فهل معنى ذلك أن الحركة شتصبح ضحية للتآكل والتلاشي، والحال أنها -باعتراف أغلب المتتبعين- مكسب للمغاربة، ذلك أن النزول إلى الشارع -كما جاء في مجموعة من التدخلات- لحظة مهمة بإمكانها أن تربك الدولة وترغمها على تقديم مزيد من التنازلات، شرط الحفاظ عليها من التهجين والابتذال.
|
|
2650 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|